نبيل بكاني
أخذت الاحتفالات بـ”ثورة الياسمين” في تونس هذا العام شكلا مختلفا، فقد شهدت شوارع البلاد موجات احتجاجية، تخللت بعضها أعمال العنف والتخريب.. التونسيون، عموما، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة الحالية، لم تعد مناسبة ثورة 2011، تثير في نفوسهم الرغبة في الاحتفاء وتذكر أقوى لحظات تلك الأيام الباردة من شتاء ذاك العام.
تونس عرفت هجمات إرهابية عنيفة، كانت سببا في ضرب السياحة التي تعتبر أهم موارد البلاد من العملة الصعبة، خاصة بعد تراجع حركة الإنتاج والتجارة مع الخارج، نظرا للتقلبات السياسية بعد الثورة، وما نتج عن ذلك، من إجراءات تقشف وصعوبات في تعافي الاقتصاد، واستياء اجتماعي واسع.
المحتجون، أو المحتفلون، وفي الذكرى السابعة للثورة، أعادوا رفع نفس المطالب، وتهم في الغالب، البطالة وارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية والحد من الفساد، وهي، تقريبا، نفسها المطالب القديمة، باستثناء مطلب “الحرية” الذي مثل أيقونة الاحتجاجات قبل سبع سنوات ولم يكن له مكان في الاحتجاجات الأخيرة.. هكذا يبدو أن تونس، وان خسرت قدراتها الاقتصادية بشكل ملموس، فإنها في مقابل ذلك، كسبت رهان “الحرية” وهو، بالتالي، ما انعكس على طريقة تغطية الإعلام الرسمي للتظاهرات، فلم نشاهد على القنوات التونسية ما يذكر بـ”البروبغاندا” التي صبغت نفس الإعلام قبل سبع سنوات.. وفي أول احتجاجات، وهي الأكبر من نوعها في عهد “الجمهورية الثانية” وجد النشطاء أنفسهم، أمام تلفزيون يحترم وجهات نظرهم وحقهم في التعبير عن مطالبهم ومناقشة الوضع العام للبلاد دون سقف أو خطوط حمراء.. وهذا بحد ذاته مكسب عظيم يتوجب على عامة التونسيين حمايته، وذلك بالاستمرار في التأكيد والحث على سلمية كل احتجاج ينزل إلى الشارع، وبالتالي دحض كل تلك التخوفات من عودة الاستبداد التي تعالت بالتزامن مع الاعتقالات التي طالت العديد من الأشخاص.
“يوليانه” الألمانية التي هربت إلى حبيبها الجزائري
عرض تلفزيون “النهار” الجزائري قبل ثلاثة أيام، ريبورتاجا حول الفتاة الألمانية التي هجرت وطنها لأجل الالتحاق بحبيبها الجزائري والذي بفضله أو بسببه اعتنقت الإسلام. وأفاد التقرير بأن السلطات المعنية في الجزائر باشرت تحقيقاتها وأن موظفي القنصلية الألمانية يتواصلون مع الفتاة “يوليانه” ذات 16 سنة والتي ارتدت الحجاب بعدما أقنعها صديقها الجزائري بارتدائه، وكانت قد تعرفت إلى الشاب قبل سنوات، إذ كان لاجئا بألمانيا منذ 2013 حتى سنة 2015 حين رفض طلب لجوءه.
السلطات الجزائرية تمكنت من التأكد بأن الفتاة الألمانية متواجدة بمنزل الشاب بمنطقة البليدة، حيث تم تقديمه للقضاء، قبل الإفراج عنه، والتأكيد على أن الفتاة سيجري ترحيلها إلى بلدها، ما وضع حدا لبعض “التحليلات” التي ربطت بين هرب الفتاة وفرضية التحاقها بتنظيم “الدولة الإسلامية”، بعدما نُسجت سيناريوهات لقصص مشابهة بدأت بعلاقات غرامية رومنطقية وانتهت في أراضي القتال.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فجزء من الإعلام الألماني ركز في تعاطيه مع الموضوع على جانبين، هما إسلام الفتاة يوليانة وهربها إلى عند لاجئ سابق، وهو ما فتح الباب، على مواقع التواصل الاجتماعي، لتناول الموضوع بشكل يسيء للاجئين، وتوزيع التهم بشكل عام.
الفتاة الألمانية، اختارت الالتحاق بصديقها، أو زوجها، إن صح التعبير، على اعتبار أنهما تزوجا بشكل غير رسمي في أحد مساجد ألمانيا، مع الأخذ بعين الاعتبار بطلان الزواج من الناحية القانونية، بسبب سن الفتاة، لكن في المقابل، هذه القصة أبانت عن تناقض صارخ، فبعدما كانت قصص الحب والغراميات في مجتمع كالمجتمع الألماني يقبل بالعلاقات العاطفية ويصرح بها على الملأ، مقبولة ومرحل بها، نجده اليوم يقلب الأرض بسبب قصة عاطفية لو كان بطلها في وضعية غير وضعية من يحمل صفة لاجئ سابق، لما ذهب التناول الإعلامي لجزء من الإعلام الألماني في هذا الاتجاه السلبي، هذا فيما نسمع عن العشرات من القاصرين من أبناء الوطن يغادرون إلى أوروبا في ظروف غير عادية، دون أن تكلف سلطات بلادهم عناء ربط الاتصالات مع نظيرتها في بلد الاستقبال من أجل الوصول إلى المعنيين.
“الرقية الشرعية” في المغرب
أثار تحقيق نشره التلفزيون الألماني (دويتشه فيله) على موقعه، حول الرقية الشرعية في المغرب، الكثير من الجدل، وذلك بسبب ما جاء في الشهادات من استغلال جنسي من قبل بعض من يدعون أنهم رقاة شرعيون، لضحاياهم من النساء.
الضحايا كشفن أنهن تعرضن للابتزاز من طرف رقاة ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قالت إحداهن أنها اضطرت لإرسال صورة لها عارية بطلب من الراقي الذي أقنعها بأن جسدها مصاب بالسحر وأنه سيعلم على إبطال مفعول السحر من خلال الصورة، ليتحول الأمر إلى ابتزاز وتهديد بكشف الصورة ومطالبتها بالمال.
حالة أخرى، لسيدة متزوجة، بسبب الثقة الزائدة، وجدت نفسها ضحية استغلال جنسي من طرف أحد الرقاة، الذي شرع فيما بعد يهددها بتسجيل فيديو توثيقي.
من الأمور الواضحة في المغرب، أن المجتمع المغربي ميال كثيرا للاعتقاد بكل ما يتعلق بالسحر، وما يدخل في ما يعرف بالعلاج البديل، سواء بالرقية أو ببعض العلاجات الشعبية التي تطور ممتهنوها بشكل لافت في السنوات الأخيرة، بعد شيوع تكنولوجيا الاتصال وتزايد عدد الفضائيات المعنية بهذا المجال أو التي تخصص للموضوع حيزا في شبكة برامجها.
قبل سنوات اعتقلت الشرطة المغربية راق ومعالج بالأعشاب ينحدر من سلطنة عمان مشهور على المستوى العربي، بعدما قام بافتتاح قناة كانت تسمى قناة “الحقيقة” تبث من الدار البيضاء ونالت شهرة كبيرة، بعدما استخدمها في الترويج لنفسه ولمعجزاته في معالجة الأمراض المستعصية كالسرطان مثلا، مدعيا توفره على شهادات عليا في المجال من جامعات بريطانية، ليتضح فيما بعد، وبحسب البلاغات الرسمية، أن كل ما كان يوهم به ضحاياه على قناته لا يزيد عن نصب واحتيال وادعاءات باطلة بما فيها الشواهد التي ثبت أنها مزورة.
حادثة الرقية تعيد طرح السؤال حول مدى عجز الجهات المعنية عن تطبيق القانون وغياب مراقبة فعلية، ما يجعل كل من هب ودب يفتتح عيادة أو مركزا للعلاج الشعبي سواء بالأعشاب أو بالرقية الشرعية، والتي انتشرت بشكل رهيب في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تعاظم أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والتساهل الكبير في ما يعرض من وصلات دعائية مكثفة على بعض القنوات، ومن بينها نجد قنوات إعلانية أضحت مختصة في عرض المنتجات والمركبات الطبية الشعبية دون ضمانات رسمية.. كما لا يخفى أن قضية الاستغلال الجنسي التي عرضتها “دويتشه فيله” الألمانية ليست الحالة الوحيدة التي تحدث عنها الصحافة، إذ أن صفحات الجرائد المغربية لا تكاد تخلوا من حوادث مشابهة أو أكثر خطورة.
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا