‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالات. إظهار كافة الرسائل

5 أغسطس 2021

أزمة «النهضة» تكبر: التضحية بالغنوشي خيار الضرورة؟

    8/05/2021 07:16:00 ص   No comments

  ملاك حمود

سرعان ما تراجعت حركة «النهضة» عن التصعيد في مواجهة قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، لَمَّا أدركت مدى الانقسام حيال «خيارات الضرورة» في صفوفها، وسط دعوة بعض قياداتها إلى إجراء مراجعة للإخفاقات التي أوصلت تونس إلى حالة الصدع هذه، بما يتيح تجديد القيادة التي خلخل راشد الغنوشي أساساتها يومَ سعى جاهداً إلى ترؤّس «مؤسسة الشعب» المجمَّدة أعمالها راهناً. واقعٌ تصارع «النهضة» إزاءه اختباراً يكاد يكون وجودياً، بعدما نفض أصدقاؤها في الإقليم يدهم من «ورقة الشارع»، فيما اختار طيف واسع من التونسيين الالتفاف حول إجراءات سعيّد


لم تمضِ 48 ساعة على صدور قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إقالة حكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان لمدّة شهر قابلة للتمديد، حتّى كانت حركة «النهضة» تُبدّل خطابها من إدانة «الانقلاب على الثورة والدستور» والتلويح بورقة الشارع، إلى الدعوة للحوار وإبداء الاستعداد لتقديم أيّ تنازلات لازمة لاستتباب الديموقراطية. تحوُّل يمكن ردّه إلى اعتبارات كثيرة، يأتي في مقدِّمها التخبّط المتصاعد في صفوف الحركة، والانقسام البَيْني الذي لم يعُد خافياً، خصوصاً في ظلّ السعي الدؤوب إلى «التضحية» بزعيمها، رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعدما بات وجوده، على رأس «مؤسّسة الشعب»، يُثقل الجسم القيادي للحزب المُنقسم على نفسه هو الآخر، بين مؤيّد للغنوشي المدعوم من التيار النافذ في داخل «النهضة»، بزعامة عضو المكتب التنفيذي، نور الدين البحيري، الذي وصف انقلاب سعيّد، منذ اليوم الأوّل (25 تموز)، بـ«المروَّض»، متعهّداً باتخاذ «إجراءات وتحرّكات داخلياً وخارجياً لمنع سريان تلك القرارات»، ومعارض له. وهي تعهّدات حال دون المضيّ قُدُماً في تطبيقها، عاملان رئيسان: تَمثّل الأوّل بالالتفاف الشعبي حول قرارات الرئيس التونسي، لا سيما وأنها تزامنت مع ظرفٍ صعب تعيشه البلاد على المستويات الاقتصادية والاجتماعية كما الصحية؛ فيما شكّل غياب الدعم الإقليمي أو الدولي لتفجير الوضع في تونس عبر تحرُّكات مضادة، العامل الثاني.

لهذا، تمثّل «فرمانات» سعيّد والجدل المُثار في صفوف «النهضة» حيال أفضل السُبل للتعامل معها، اختباراً يكاد يكون وجودياً للحركة، خصوصاً في ظلّ ارتفاع حدّة الاستقطاب بين الإسلاميين والقوى الفاعلة الأخرى في المشهد التونسي، فضلاً عن تحميل الحزب مسؤولية التدهور الحاصل في تونس، وهو ما فاقم الانقسامات القائمة أصلاً في صفوف مسؤوليه حول أزمتَي الاستراتيجية والقيادة. واقعٌ عبّر عن ذلك ابتداءً قيادي كبير في «النهضة»، تحدّث إلى «رويترز»، موضحاً أن أحداً «لا يستطيع أن ينكر وجود خلافات واضحة وحادّة أحياناً داخل النهضة... والتي باتت أكثر وضوحاً بعد الزلزال السياسي الأخير». وعلى رغم احتفاظها بقاعدة من الموالين، ارتبط اسم «النهضة» ارتباطاً وثيقاً بالأزمة الاقتصادية، في ظلّ غياب برنامج سياسي واضح يحدّ من الشلل الذي أصاب البلاد مع ارتفاع معدّلات البطالة وتراجع الخدمات العامة، لينتج من ذلك تهاوي شعبية الحركة، وصولاً إلى تراجع نصيبها من التصويت في انتخابات عام 2019، عندما حصلت على ربع مقاعد البرلمان، فيما خرج مرشّحها للرئاسة، عبد الفتاح مورو، من الجولة الأولى، لينتقل دعمها إلى سعيّد قبل الانقلاب عليه لاحقاً والتحالف مع «قلب تونس». هكذا، لعبت «النهضة» دوراً كبيراً لا يستند إلى رؤية واضحة لكيفية إدارة المؤسّسة التشريعية المعلَّقة أعمالها إلى حين الفكاك من إجراءات «الحالة الاستثنائية». إزاء ما سبق، جاء قرار الحركة بالتراجع عن التصعيد والدعوة إلى الهدوء والحوار، والذي تجلّى خصوصاً في إبداء الغنوشي استعداد حزبه لـ«أيّ تنازلات من أجل إعادة الديموقراطية». وفي الإطار نفسه، جاء تصريح مساعده، ماهر مذيوب، الذي أكد وجوب «تجنُّب التصعيد... لا أحد يريد عنفاً وحرباً أهلية... لا أحد يرغب أن يرى سيناريو رابعة يُعاد في تونس. لذلك، يجب أن تقود التهدئة إلى استئناف المسار الديموقراطي بسرعة، وأن يستمرّ قطار الديموقراطية مع جهود جماعية للتغلُّب على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية»، في توجّه تعارضه شخصيات أخرى داخل الحزب ترى أن التراجع سيسمح لسعيّد بقمع «النهضة» بسهولة.

وبعد أكثر من عامين على الجدل حول الاستراتيجية الأنسب لاتباعها، والذي جعل من قيادة الغنوشي للحزب موضع شكّ، أثارت محاولات «النهضة» تعزيز نفوذها داخل الحكومة، استياء بعض الأعضاء الأصغر سناً، وأحدثت انقساماً كبيراً في القيادة دفع 100 عضو في الحزب إلى دعوة الغنوشي، العام الماضي، إلى التخلي عن نهجه التوافقي والالتزام بإصلاحات شاملة والتنحي في نهاية المطاف. دعوةٌ عادت لتتكرّر في ظرف سياسي متغيّر، إذ طالب بيان صادر عن عدد من شباب الحركة، بينهم نواب في البرلمان، بحلّ المكتب التنفيذي لـ«النهضة» لاتهامه بالفشل والتسبُّب بتدهور الأوضاع في البلاد، وكذلك تحمُّل الغنوشي مسؤوليته أمام الشعب والالتزام بالمسار التصحيحي والاعتراف بالأخطاء. وقال 130 شاباً إن «تونس تمرّ بمنعطف تاريخي أفضى إلى اتخاذ رئيس الجمهورية إجراءات استثنائية، قوبلت بترحيب شعبي كما أثارت تحفّظ جزء من النخبة السياسية والقانونية»، مضيفاً أن «هذه الوضعية الحرجة، والتي لا يخفى على أحد منّا أن حزبنا كان عنصراً أساسياً فيها، تضعنا أمام حتميّة المرور إلى خيارات موجعة لا مفرّ منها، سواء كان ذلك من منطلق تحمُّل المسؤولية وتجنب أخطاء الماضي، أو استجابة للضغط الشعبي». ودعا «المجلس الوطني للشباب» بالإجماع إلى «تجديد القيادة الوطنية، وإشراك الشباب، وفتح باب الحوار والشراكة مع الرئيس سعيّد والمجتمع المدني واتحاد نقابات العمّال، وكل مكونات المجتمع المدني». ويُظهِّر هذا البيان عمق الفجوة بين تيارَي الشباب والقيادات داخل «النهضة»، فيما تؤكد الأزمة الحالية غياب الدعم الشعبي لتوجّهات الحركة التي سعت، بدايةً، إلى استجداء دعم بعض القوى الإقليمية للتوصّل إلى اتفاق مع الرئيس التونسي. ويرى مراقبون أن ما وصلت إليه «النهضة» من تأزّم وتحفظات على أدائها، سواء من داخل صفوف وقيادات الحركة أو من خارجها، هو نتيجة خياراتها في السنوات الماضية، واستماتتها لتعزيز نفوذها بأيّ طريقة كانت.

_______
«الأخبار»

30 يوليو 2021

حركة النهضة في طريق المراجعة

    7/30/2021 08:49:00 ص   No comments

حركة النهضة في طريق المراجعة

 قد يكون الوقت متأخرا. لكن بعض قادة الحركة الذين لديهم سجل معارضة ثابت ، يتحملون مسؤولية ما حققته الحكومة منذ أن أصبحوا قوة سياسية حاسمة.

فقد أوردت إذاعة موزاييك إف إم التونسية اليوم الجمعة، نقلا عن القيادي في حركة النهضة التونسية سمير ديلو قوله إن من الضروري أن تعرف قيادات الحركة “حجمها بعد ما حصل من متغيرات” عقب القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد.

وأضاف ديلو أنه ضد دعوة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة لأنصار الحركة بالنزول إلى الشوارع.

وتابع أن اللجوء للعنف وتعريض حياة التونسيين للخطر ومواجهة قوات الأمن “خط أحمر”.

وأوضح ديلو “فسرت موقفي أنا وقيادات أخرى في النهضة لرئيس الحركة راشد الغنوشي لأن الأوضاع تغيرت لكن هناك من اتهمني برغبتي في الحصول على منصب الغنوشي وتمت شيطنتي وهناك من قال بأنني أرغب في القفز من سفينة غارقة”.

وتابع “كل ما يعرض السلم الأهلي للخطر أو يدفع التونسيين للتقاتل أو إعلاء المصلحة الحزبية.. كل من يقوم بذلك أضاع فرصة ذهبية للصمت”.

وقال “أرغب أن يكون صوتي مسموعا داخل النهضة لأنني لست الشخص الوحيد الحكيم في الحركة.. هناك تيار قوي تأكدت مواقفه بعد 25 يوليو يعتبر أنه لا يجب أن نحبس أنفسنا داخل حالة من الإنكار”.

وأكد أنه على قيادات النهضة أن “يتساءلوا لماذا تم حرق مقراتنا فقط في كامل ولايات الجمهورية، ولماذا خرج التونسيون للاحتفال بعد إجراءات رئيس الجمهورية قيس سعيد بشكل عفوي”.

*****

ويختلف هذا الموقف عن موقف الغنوشي الذي حاول مطلع الفجر دخول البرلمان رغم علمه بتعليق عمل المجلس ومحاولته دفع القوات المسلحة إلى عصيان الأمر الرئاسي. كانت تصرفات الغنوشي قرارًا متسرعة ويقلل ذلك من مصداقيته ومصداقية الحركة في حال استمر في قيادتها. إن دعوته منذ البداية وتهديده المستمر بإحضار الناس إلى الشارع أمر خطير وقصير النظر ويزيد من مخاطر العنف.

من الأفضل للحركة مراجعة أولوياتها ودورها في بناء مؤسسات الحكم. 

مثل الإخوان المسلمين في مصر ، الذين وعدوا في البداية بعدم محاولة السيطرة على كل من الرئاسة والبرلمان ، غيروا رأيهم لاحقًا وفعلوا ذلك تمامًا. كلفهما هذا الجوع للسلطة كليهما. دفع نفس الدافع حركة النهضة إلى اختيار نظام شبه برلماني تسبب في حدوث الشلل.

يمكن معالجة مشاكل تونس بشكل أفضل من خلال سلطة تنفيذية ذكية وفعالة وسريعة ينتخبها الشعب مباشرة--الرئيس ؛ وسلطة تشريعية منتخبة تضع سياسات وقوانين طويلة المدى--البرلمان؛ وقضاء مستقل تمامًا - بما في ذلك محكمة دستورية عليا  بها قضاة معينون من قبل ثلاث هيئات بأعداد متساوية (1/3 لكل منها): البرلمان ، والرئيس ، والمجتمع المدني (جمعيات القضاة ، ونقابات المحامين ، وأساتذة القانون ، والمنظمات غير الحكومية المسجلة ، إلخ.).

27 مايو 2021

عن الرّئيس التّونسي قيس سعيّد-- لا نحتاج - في تونس - من الحاكم باسم الشّعب غير عدله

    5/27/2021 08:27:00 ص   No comments

 لـ علي المحجوب 

إن تصدير كلّ أزمة سياسيّة أو اقتصاديّة إلى تجاذبات أيديولوجيّة هو إمعانٌ في استدامتها، وحرفٌ للأنظار عن فشل البعض في أدائه اقتصاديّاً واجتماعيّاً، ثمّ سياسيّاً.

من الفجور في الخصومة أن ترميَ خصمك السّياسيّ - أو غيره من الخصوم - بما ليس فيه ممّا تعتبره أنت مثلبةً، ولو لم تكن "التّهمة" في الواقع كذلك. والفجور في الخصومة - كما قد علمتَ - واحدةٌ من ثلاث علامات للنّفاق. ومن الحمق والسّفه أن تُشنِّعَ عليه ما قد يكون فيه من سمةٍ إذا كان دستور البلاد لا يمنعه من ذلك. 

ليس الكلام هنا مرافعة للدّفاع عن أيّ كان، لكنّه كلام يتوخّى شيئاً من الإنصاف للآخر. فإنّ الإنصاف محمود، في كلّ حال، وإنّ غيابه من ساحة حديثة الولوج إلى عالم "الدّيمقراطيّة الشّعبية" قد يَؤُول بكلّ اختلاف إلى الشّقاق وإلى ما هو أبعد منه من الفِتَن. 

أمّا القول إنّ الرّئيس المنتخَب "شعبيّ"، فلا يحتاج إلى جهد ولا إلى تفصيل لإثباته، ولا يستطيع أحدٌ نفيه. فإنّ الرّجل رجّ السّاحة السّياسيّة التّونسيّة من على أرصفة المقاهي الشّعبيّة، وهبّ النّاس إلى انتخابه اتّقاءً لصعود سماسرة الأعمال "الخيريّة" سلّمَ السّباق الانتخابيّ.


ولأنّ وسم "الشّعبيّ" محمودٌ في الدّيمقراطيّات، كونه ترجمة لالتفاف النّاس - الذين هم مدار الدّيمقراطيّة - حوله، فإنّ بعض الخصوم السّياسيّين، إذْ لم يستطيعوا أن يصنعوا من ذلك مثلبةً، لجَأُوا إلى دسّ القول بأنّه مجرّد صناعة مخابراتيّة أجنبيّة، استغفل فيها السّواد الأعظم من الشّعب، فتصبح التّهمة حينها مزدوجة: له بالعمالة، وللشّعب بالحمق. وعلى افتراض ذلك، ولأنّ الدّيمقراطيّة "تُجبرك" على الاستماع إلى "الأحمق"، ثمّ لأنّه قد حُصّل ما في الصّناديق من غير طاعن يطعن، فإنّ كلّ ملتوٍ على إرادة الشّعب أو مُستدرِكٍ عليها، من دون بيّنة وبلا مسوّغ دستوريّ ولا تفويض من الشّعب، يكون غير مؤمن بمبادئ الدّيمقراطيّة، ولو زعم خلاف ذلك، إلى أن يُثبت بالبيّنة القاطعة ما زعم من عمالة للأجنبيّ، وعلى مؤسّسات الدّولة آنذاك و/أو الشّعب الاستدراك على الأمر.

وإنْ لم يقدر على ذلك، فإنّه يلجأ إلى غيرها من "التّهم". والمهمّ في كلّ "التّهم الافتراضيّة" أن تؤدّي إلى انفكاك الحزام الشّعبيّ حتّى ينفضّ النّاس من حوله. فيقول بداية إنّ الرّئيس ذو توجّه شيوعيّ (قاصداً الجانب الإلحاديّ، أو ما يقاربه)، مستنداً في ذلك إلى دعوى مفادها أنّ مِنَ المقرّبين منه مِن تلك -على حدّ زعمه - حقيقة توجّهه، وهي - إن صحّت - حجّة صبيانيّة سخيفة لمنتقِدٍ، يغضّ النظر عن حقيقة أنّه قد يوجد في العائلة التّونسيّة الواحدة أرحامٌ على نقيض بعضهم البعض في التّوجّه والأيديولوجيا. بل إنّ المنتقِد ذاته يجلس في المقهى إلى طاولة يشاركه في الجلوس إليها أشخاص من توجّهات مغايرة، حدَّ التّناقض، من أقصى اليمين حتّى أقصى اليسار، وتلك سِمةٌ تونسيّة معروفة. ثمّ إنّ الدّستور التّونسيّ لم يدقّق في أيديولوجيا رئيس البلاد، ولهم - إن شاؤوا- الاستدراك على ذلك بالطّرائق التّشريعيّة التي خوّلهم إياها الشّعب، لا أن يجعجعوا بلا طحين، فيُكثروا الضجيج ويَحرفوا الأنظار عن أمّهات القضايا والمشاكل، وما أكثرها.

فلمّا استنفدوا جهدهم في معالجة القول بالعمالة ضرباً لشعبيّته ـ كما أنّ صلاة جمعة واحدة علنيّةً له دحضت قولهم بشيوعيّته ـ (على الأقلّ العقائديّة)، ركنوا بعد ذلك إلى القول إنّه "شيعيّ مرتبط بإيران". ولكَ أن تتصوّر - أيّها اللّبيب - مَن يعتبر هذه السّمة "تهمةً" و"مثلبةً"، بل إنّه قد يُدلي بدلوه، في هذه النظريّة الأخيرة، مَن لا يُفرّق بين النّاقة والجمل. والعجيب أنّه على رأس جهة معلومة، لها حصّة في جائزة نوبل "للسّلام"، التي مُنحت للرباعي التّونسي الرّاعي للحوار الوطني في فترة معلومة. غير أنّ العجب لا يطول إنْ تذكّرتَ كثيراً من الأسماء التى مُنحت هذه الجائزة، وكثيراً من الأسماء التي رُشّحت من قبلُ لنيلها. وإذا كان مسوّغ البعض في زعم هذه "السّمة" للرّئيس التّونسيّ ما قد علموا من صريح كفره بالتّطبيع والمطبّعين مع الكيان الغاصب المحتلّ - وهي سِمة باتت حصريّة لحلف المقاومين الأحرار - فنِعمَ التّهمة وبِئسَ المتّهِمين.

أمّا الاستشكال على أداء الرّئيس الشّعبيّ المنتخَب، فإنّه حقٌّ ليس لأحدنا أن ينازع صاحبه فيه. ولو كان الرّئيس منتخَبا بأغلبيّة عريضة، فإنّ الأغلبيّة لا تُعفيه من المراقبة والمساءلة والتّوجيه، عند الاقتضاء. بل إنّ هذه الاستشكالات ظاهرة صحّيّة لشعب في طور التّدرّب على التّدافع الدّيمقراطيّ، فهي لازمة وضروريّة. أمّا تصدير كلّ أزمة سياسيّة أو أزمة اقتصاديّة إلى تجاذبات أيديولوجيّة، فإنّه إمعانٌ في استدامة الأزمة، وحرفٌ للأنظار عن فشل البعض في أدائه اقتصاديّاً واجتماعيّاً، ثمّ سياسيّاً. وهو أيضاً زجٌّ بالشّعب في نوع من التّنازع المَقيت، الذي علمنا، من التّجارب السّابقة، بما جرّ على أصحابه في دول أُخرى من الفشل، ومن ذهاب ريحهم. كما علمنا، من تجارب دول أعرضت عن هذا النّوع من التّقسيمات، بأنّها عزّزت بذلك ديمقراطيّاتها، وأكسبتها منعةً واستدامة.

في أيّ الأحوال، فإنّ أحسن ما يُوصِّفُ الحلّ لهذا المأزق المصطنَع كلامٌ لعليّ بن أبي طالب، يقول فيه: "إنّما يحتاج النّاس من الحاكم عدله". وكذلك هو الأمر، إذ إنّنا لا نحتاج - في تونس - من الحاكم باسم الشّعب غير عدله، وليعتقد بعد ذلك الحاكم ما شاء، أو لا يعتقد، إن شاء.


______

علي المحجوب دكتور في الهندسة البيولوجية وحاصل على ماجستير في الحضارة العربية والإسلامية- تونس

21 مايو 2021

الابواب المفتوحة بين دمشق وحماس... حركة حماس ترد التحية للاسد باحسن منها

    5/21/2021 08:05:00 ص   No comments

كمال خلف *

في اجتماع جرى بين الرئيس الاسد وقادة الفصائل الفلسطينية وعلى راسهم الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الاخ “زياد النخالة”  ، اكد  الاسد للحاضرين التزام سورية الكامل بدعم المقاومة الفلسطينية . ولا شك بانه الموقف الاميز عربيا على اعتبار ان سورية تخوض منذ عشر سنوات حربا ضروسا دمرت بنيتها التحتية واقتصادها وحاولت الفتك بجيشها ومجتمعها، وبروز اصوات من النخبة السورية تنادي” بسورية اولا ” كخلاصة لتجربة الحرب  . الا ان الرجل الذي يوصف بالعنيد في دمشق  ترك طقوس الانتخابات والحملة الانتخابية في يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية في الخارج وجلس مع قاددة الفصائل للوقوف على الوضع في فلسطين ومالات المنازلة بين المقاومة واسرائيل في غزة .

 لا يمكن اغفال الدور السوري في احتضان المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 65 ، ولاحقا احتضان وتدريب وتسليح وحماية التيار الاسلامي في فلسطين المتمثل في حركتي الجهاد وحماس مطلع التسيعنيات من القرن الماضي ، رغم موقف حزب البعث الحاكم في سورية الحازم  من الاخوان المسلمين بسبب الصراع  الدامي بينهم منذ مطلع الثمانينات   . وما ترتب طوال عقود نتيجة هذا الموقف الداعم للمقاومة  من اثمان باهظة دفعتها سورية الدولة والشعب من حصار وتهديد وضغوط دولية  وصولا الى الحرب القاسية التي هدفت بالدرجة الاولى الى  معاقبة سورية على موقفها من القضية الفلسطينية ومناهضتها لاسرائيل في كل المحافل ، وتغيير دورها في الاقليم وضرب حلف المقاومة .  واعتقد ان فصول تلك الحرب بدات تتكشف تباعا ، وهناك الكثير مما سيقال ويكتبه المؤرخون المحايدون لاحقا عن اسرار وخفايا تلك الحرب القاسية على سورية .

الرئيس الاسد في موقف لافت وبعد سنوات من القطيعة مع حركة حماس ابلغ قادة الفصائل ممن كانوا في ضيافته ان ابواب دمشق مفتوحة لكل المقاومين الفلسطينيين وكل الفصائل الفلسطينية على اختلاف تسمياتها . واكثر من ذلك حملهم تحياته الى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ، والى مقاتلي حماس في غزة . هو الموقف الاول الصادر من دمشق منذ القطيعة مع حماس بسبب موقف الاخيرة الداعم للمعارضة السورية في الحرب .

كلام الاسد فيه الكثير من التعالي على الجراح ، وتقديم المصلحة الفلسطينية والقضية الفلسطينية حتى على القضية السورية . هكذا يظهر الاسد كزعيم تاريخي وقائد مبدئي  ضمن مشروع استراتيجي ينهض بالامة وليس مجرد رئيس . وهكذا يثبت الاسد انه عنيد الى حد ان كل الحرب التي شنت على بلاده بهدف تغيير سلوكه ومقاربته للاحداث والقضايا  جعلته يرسخ موقع سورية اكثر في مواجهة اسرائيل ، ويحث الخطى حتى قبل تعافي سورية الكامل نحو حمل راية القضية المركزية للعرب والمسلمين   .

بالمقابل جاء اول رد من حركة حماس  على لسان القيادي البارز في الحركة اسامة حمدان ، والذي سمع بموقف الاسد من خلال” قناة الميادين ”  كما قال في اتصال اجرته معه القناة ، وانا من حاوره شخصيا  واكد حمدان ان حركة حماس ترد التحية للاسد باحسن منها ، وان هذا الموقف ليس مستغربا من سورية ، وان موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً و من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق”.

لاشك انها مواقف تفتح الابواب المغلقة بين حماس ودمشق ببركة صواريخ المقاومة التي دكت تل ابيب والمستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية ، وبركة نصر الشعب الفلسطيني ، والشعب السوري ،   وتؤسس لطي صفحة داكنه من العلاقة طوال السنوات العشر الماضية  . ونقول تؤسس لان العلاقة بين الطرفين تحتاج الى المزيد من الوقت والنضوج ولا تعيدها تصريحات ايجابية فقط على اهميتها .

خلال السنوات الماضية حاول وسطاء كما اطلعنا في حينه سواء حزب الله او المسؤولين الايرانيين حاولوا رأب الصدع ومعالجة اسباب الخلاف ، وبذلوا جهودا كبيرة  . الا ان الاسد كان يرفض ، مع تاكيده على دعم المقاومة الفلسطينية في فلسطين وفي غزة على وجه التحديد

الامر بطبيعة الحال ليس سهلا للاسد  ، فحماس كما قال رئيسها في الخارج خالد مشعل منذ ايام عاشت عصرها الذهبي في سورية . وقدمت سورية معسكرات التدريب والسلاح والتكنولوجيا الحربية خاصة في مجال الصواريخ والمتفجرات ، وقدمت اراضها وعاصمتها كمقر لقيادة حماس بعد ابعادها  من الاردن مطلع التسعينات  ، وتعرضت للضغط والتهديد واحيانا العدوان المباشر بسبب وجود حماس والجهاد في حماها ، وعندما اندلعت الاحداث وقفت حماس مع قرار حركة الاخوان المسلمين العالمية ضد القيادة السورية ، وتبنت موقف المعارضة بالكامل وخرجت من سورية الى قطر . هذا ما اعتبرته القيادة السورية طعنة في الظهر لم تكن تتوقعها . لكن الاجواء في فترة الربيع العربي كانت تبشر بصعود التيار الاسلامي الى الحكم في معظم  الدول العربية ، وهذا كان له التاثير الاكبر في خيارات حماس بخصوص سورية او غيرها مثل مصر مثلا . بالمقابل تكرر الحركة انها خرجت من سورية لانها لم ترغب في التدخل في ازمة داخلية .

تلك مرحلة قد خلت لا نريد الدخول في تفاصيلها ، والافضل النظر الى المستقبل ، سورية هي قلب هذه الامة ، وبوصلة العالم الحر ، وجيشها قاتل في معارك الامة دفاعا عن فلسطين ، وقدمت خيرة ابنائها شهداء من اجل فلسطين . سورية الدولة التي لم تسمح رغم كل الحروب والضغوط والحصار والجوع  برفع علم اسرائيل في سمائها ، من الطبيعي ان تكون قبلة المقاومين والمناضلين وشرفاء الامة .


________________

* كاتب واعلامي فلسطيني


29 أبريل 2021

الإسلام السّياسي والمراجعات الأردوغانية

    4/29/2021 06:25:00 ص   No comments

عبد الباري عطوان

هذا الانفِتاح السّياسي التّركي التّدريجي والمُتسارع على المملكة العربيّة السعوديّة ومِصر وبدرجةٍ أقل على الإمارات والبحرين، بات محور اهتِمام الأوساط السياسيّة في المِنطقة العربيّة، وموضع تساؤلات المُحلّلين ورجال الإعلام، بالنّظر إلى حجم العَداء والتوتّر الذي كانت تتّسم به العُلاقات بين هذه الأطراف طِوال السّنوات العشر الماضية تقريبًا.

فمَن كان يتصوّر، وقبل أشهر، أن يُشيد الدكتور إبراهيم كالين، مُستشار الرئيس رجب طيّب أردوغان السّياسي، بالقضاء السّعودي ويُؤكّد احتِرام أحكامه التي أصدرها بالسّجن على ثمانية مُتّهمين مُتورّطين في عمليّة اغتيال جمال خاشقجي، ووصول أوّل وفد دبلوماسي تركي إلى القاهرة الأُسبوع المُقبل، بعد زيارات سريّة على مُستوى مَسؤولي أجهزة المُخابرات، واتّصالات هاتفيّة بين وزيريّ خارجيّة البلدين وتبادُل التّهاني بمَقدم شهر رمضان، و”لجم” محطّات المُعارضة المِصريٍة، وربّما قريبًا الليبيّة في إسطنبول ووقف انتِقاداتها لحُكومات بلادها؟

فإذا كانت العُلاقات وصلت بين تركيا ومِصر إلى حافّة المُواجهة العسكريّة على الأراضي الليبيّة، فإنّ نظيرتها بين تركيا والمملكة العربيّة السعوديّة دخلت ميادين الحرب الاقتصاديّة، والإعلاميّة، واتّسمت في بعض الأحيان إلى التّنافس الشّرس على زعامة المرجعيّة السنيّة في العالم الإسلامي، وما زالت المُقاطعة السعوديّة للبضائع والسياحة التركيّة قائمة، ولكن بقرار غير رسميّ علنيّ، حتّى كتابة هذه السّطور، وإن كانت هُناك مُؤشّرات عن بَدء تآكُلِها.

 

***

أربعة تطوّرات رئيسيّة تَقِف خلف هذا الانقِلاب الوشيك في العُلاقات بين تركيا ومُعظم مُحيطها العربيّ:

الأوّل: إدراك القِيادة التركيّة أنّ سِياسة “الصّدمة والتّرويع” السياسيّة والإعلاميّة التي مارستها طِوال السّنوات العشر الماضية، وضدّ مِصر ودول مجلس التّعاون الخليجي بزعامة السعوديّة، أعطت نتائج عكسيّة وارتدّت سلبًا على تركيا، واقتصادها وزعامتها الإسلاميّة، الأمر الذي دفع حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى اتّخاذه قرارًا في اجتماعه التّنظيمي الأخير في أنقرة إلى التخلّي عن هذه السّياسات التي أغرقت تركيا في حُروبٍ ومُواجهات وأزمات في مُحيطها الإقليمي أدّت إلى عزلها، وإضعاف اقتِصادها، واستِبدالها بسِياسات انفتاحيّة تقوم على التّهدئة والحِوار، وإعطاء مساحة أكبر للدّبلوماسيّة.

الثّاني: يبدو أنّ الرئيس أردوغان وصل إلى قناعةٍ مفادها أنّ “الإسلام السياسي” الذي تبنّاه، ودعمه بعد “ثورات” الرّبيع العربي، لن ينجح في تغيير الأنظمة القائمة، ومِصر والسعوديّة وسورية وليبيا والعِراق على وجه الخُصوص، وأنّ الاستِمرار في هذا الرّهان، في ظِل الأوضاع الاقتصاديّة الصّعبة، والعُزلة التركيّة والعَداء الغربيّ مُكلِفٌ جدًّا لتركيا والحزب الحاكم فيها.

الثّالث: تَصاعُد النّفوذ الإيراني في المِنطقة المدعوم بترسانةٍ عسكريّة قويّة، والانحِياز للقضايا العربيّة المركزيّة، وأبرزها مُواجهة المشروع الصّهيوني، وتأسيس محور المُقاومة بأذرع عسكريّة جبّارة في اليمن ولبنان وسورية والعِراق وفِلسطين المُحتلّة، في إطار مُقاطعة تامّة لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، ووصول صواريخه مُؤخّرًا إلى مُحيط ديمونة في النّقب.

الرّابع: التِقاء الرئيس أردوغان مع قادة مِصر والسعوديّة والإمارات ودول خليجيّة أُخرى على أرضيّة القلق والرّعب من الإدارة الأمريكيّة الجديدة بقِيادة جو بايدن التي أعلنت مُنذ اليوم الأوّل تغيير السّياسيات الأمريكيّة تدريجيًّا ضدّها، أيّ الدّول المذكورة، فقد أوقفت دعمها للتّحالف السّعودي في حرب اليمن، واعترفت بِما وصفته جرائم الإبادة التركيّة للأرمن، وكانت وما زالت أكثر ميلًا للموقف الإثيوبي في أزَمة سدّ النهضة، ولم يُبادِر بايدن بإجراء أيّ اتّصال مع الرئيس المِصري.

السّؤال الذي يطرح نفسه بقُوّةٍ هذه الأيّام، هو عمّا إذا كان قطار “التّهدئة” التّركي الذي بات على وشك الانطِلاق سيتوقّف في القاهرة والرياض وأبو ظبي فقط، أم أنّه سيُعرّج في طريق الذّهاب أو العودة إلى دِمشق الأقرب جُغرافيًّا إلى أنقرة؟

هُناك نظريّتان: الأُولى تقول بأنّ الرئيس أردوغان سيُحاول استِخدام الورقة الطائفيّة، أو العِرقيّة التركمستانيّة ومُحاولة تأسيس “محور سنّي” في مُواجهة النّفوذ الإيراني المُتصاعِد، ومن أجل تعزيز تدخّله العسكريّ في سورية الذي بدأ يتآكل، ولكن ما يُضعِف هذه النظريّة احتِمالات الرّفض المِصري لهذه النّزعات الطائفيّة والمذهبيّة والتمسّك بعلمانيّة الدّولة ومبدأ التّعايش بين الأديان والمذاهب فيها.

والثّانية تُؤكِّد بأنّ هذه المُصالحات التركيّة المُتسارعة مع اثنين من أهم أقطاب السّاحة العربيّة، أيّ السعوديّة ومِصر تَصُب في مصلحة الطّرفين، وقد تكون تمهيدًا للمُصالحة مع سورية أيضًا، بالنّظر إلى حالة الانفِراج الرّاهنة في عُلاقاتهما مع دِمشق، وعدم مُعارضتهما لاستِعادة مِقعَدها في الجامعة العربيّة، وهُناك معلومات غير مُؤكَّدة عن بوادر تهدئة تركيّة سوريّة بوِساطةٍ روسيّة وإعادة فتح جُزئيّ لقنوات الحِوار الاستِخباري.

***

هذا الانقِلاب في الموقف التركيّ هو اعتِرافٌ أوّليّ بفشل سِياسة التدخّلات السياسيّة العسكريّة السّابقة، وخاصّةً في ليبيا وسورية، وهي السّياسات التي تعرّضت لانتِقادات داخليّة شَرِسَة، وشكّلت ذخيرةً قويّةً في يد أحزاب المُعارضة، وإحداث انشِقاقات في صُفوف الحزب الحاكم، ونسف أبرز إنجازاته وهي التّنمية وقوّة الاقتِصاد التّركي والعُملة الوطنيّة.

الرئيس أردوغان أخطأ في تدخّلاته هذه، وخَلَقَ العديد من الأعداء دُون أن يُحافظ على أيّ من الأصدقاء، خاصّةً بمُساهمته بخلق حالة من عدم الاستِقرار والفوضى في كُل من ليبيا وسورية والعِراق، وسيضطرّ في نهاية المطاف إلى التّراجع عن هذه التّدخّلات، تقليصًا للخسائر، فمَن كانَ يتَصوّر أنّه سيَطرُق أبواب القاهرة والرياض طالبًا الوِد، ويتخلّى عن حركة “الإخوان المسلمين” ويُجَمِّد أذرعها الإعلاميّة، ويُقَدِّمها ككبش فِداء للحِفاظ على ما أسماه مصالح تركيا.. واللُه أعلم.

_____________________________

المصدر


7 أبريل 2021

عن تجارب صندوق النقد الدولي ووصفاته الثابتة

    4/07/2021 06:51:00 ص   No comments

 لزياد ناصر الدين 

لطالما ارتبطت بهذا الصندوق عناوين عريضة ورنانة، من توفير المال الإنقاذي وتعزيز الاستقرار المالي، إلى دعم الثقافة والإنسان، لكن الحقيقة في مكان آخر.

كثُر الكلام عن تجارب صندوق النقد الدولي - الأداة الماليّة لتدمير الشعوب والبلدان - الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، إذ تمتلك فيه الحصّة الأكبر (16.74%)، كما تمتلك حقّ الفيتو واتخاذ القرار والتوجيه، إلى جانب 4 دول من أصدقائها، هي اليابان (6.23%)، وألمانيا (5.81%)، وفرنسا (4.29%)، وبريطانيا (4.29%).

لطالما ارتبطت بهذا الصندوق عناوين عريضة ورنانة، من توفير المال الإنقاذي وتعزيز الاستقرار المالي، إلى دعم الثقافة والإنسان، لكن الحقيقة في مكان آخر، فما من دولة حصلت على قرض من الصندوق، واستطاعت إعادة اقتصادها إلى الحالة التي كان عليها. في الغالب، تعجز الدول عن تحقيق نهضة اقتصادية أو تنموية، ذلك أن القرض يدمّر الاقتصاد الوطني لأيّ دولة، ويتسبّب بشكل مباشر بتآكل الطبقة الوسطى، ويلقي بها في أحضان الفقر. وفي الوقت نفسه، تنقسم طبقة الأغنياء، بعضها يهبط، والبعض الآخر تتضخَّم ثرواته بشكل كبير.

وفي الوقت الذي تنظر الدول النامية إلى صندوق النقد باعتباره منظومة ماليّة ضخمة تهرع إليها عندما تتعثّر اقتصاديّاً، بغرض الحصول على قرض إنقاذي لتطوير البنى التحتية الأساسيّة، كمحطات الكهرباء والطرق والموانئ والمطارات والمدن الصناعية، كسبيل للنهضة مجدداً، يفرض الصندوق شروطاً قاسية تتجاهل حقوق الإنسان، بل إنها تقضي عليها الكامل، كما تهدر طاقات الدولة وإمكانياتها، وتؤدي بها إلى المزيد من الأزمات المتلاحقة.

في مقابل ذلك، يُعتبر الصندوق والدول التي تمتلك حصصاً فيه الرابح الأكبر من هذه الصفقات المشبوهة، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. وعندما ننظر جليّاً إلى شروط القرض المفترض، نلاحظ بدايةً أنّها تبدأ بقيام المكاتب الهندسيّة والاستشاريّة وشركات المقاولات الأميركيّة أو الشركات التي تدور في فلك واشنطن في الدول المقرضة، بتنفيذ هذه المشاريع، أي أنّ هذه الأموال تعود بشكل مباشر إلى أعضاء هذه الدول، ويبقى على الدول المستدينة سداد أصل القرض والفوائد، كما أنّ الشّروط التي تفرضها الجهات الدائنة تُجبر تلك الدول على التعثّر بعد بضع سنوات، بهدف تحقيق أبعاد استراتيجية خطيرة، تتلخّص بالسيطرة على مواردها والقبول بالتواجد العسكري فيها.

لتحقيق هذه الأهداف، ثمة وصفات موحّدة يعتمدها الصندوق في جميع الدول، وهي قائمة على التسويق، لكبح الانهيار، من خلال مليارات الدولارات التي تحقّق نموّاً اقتصاديّاً عن طريق المشروعات المقترحة، مع اعتماد الخداع في الأرقام، وخصوصاً في ما يتعلّق بنمو الناتج الإجمالي القومي، لكنّ النتيجة دائماً ما تكون استفادة "النخبة" القليلة على حساب الأغلبية، بحيث يزداد الثري ثراء، ويزداد الفقير فقراً، ويتمّ التسويق لذلك بوصفه "تقدّماً اقتصادياً".

ما الوصفات الثابتة لصندوق النقد؟

1- تحرير سعر الصرف ورفع كلّ أشكال الدعم، وخصوصاً عن السلع والخدمات الأساسية، كالطحين والكهرباء والماء والنقل.


2-التركيز على رفع الدعم عن المحروقات، مع ما ينتج من ذلك من زيادة في أسعار البنزين والمازوت قد تتجاوز 5 أضعاف، من دون الأخذ بتداعيات الأمر وانعكاساته على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والاستهلاكية.

3- ترسيخ نموذج اقتصاد الريع والاستهلاك على حساب القطاعات الإنتاجية، وخصوصاً الزراعة والصناعة والأدوية والمواد الغذائية. تُعتبر السياسات الماليّة أهم ركائز هذا النظام، بصرف النظر عن البعد الاقتصادي المرتبط بالتنمية والبرامج.


4- تقليص برامج التقديمات الاجتماعية، وصولاً إلى إنهاء كل الحمايات الاجتماعية، وخصوصاً التقديمات الصحية والتربوية المدرسية والشؤون الاجتماعية.


5- تقليص حجم القطاع العام، والعمل على إعادة هيكلة الرواتب، أي خفضها وتقييدها، وبالتالي منع أي زيادة عليها، مهما أصبحت نسبة التضخم، إضافةً إلى إعادة النظر في المعاشات التقاعديّة تمهيداً لإلغائها.


6-زيادة معدلات الضريبة على القيمة المضافة بنسبة تتراوح بين 5% و10% على الأقل.


7- رفع مستوى الضّرائب ليصل إلى 20% من الناتج المحلي، وفرض زيادة على جميع أنواع الضرائب.


8-  تصفية المؤسَّسات المتعثرة حتى ضمن القطاع الخاص.


9-  اعتماد النمو على الدين والاستدانة.


في المحصّلة، تكمن خطورة الموضوع في أنّ عمل صندوق النقد لا ينتهي بعد انتهاء القرض، بل يبدأ حينها تحت عنوان "المراقبة ما بعد البرامج"، بحيث يصبح الاقتراض هو الوسيلة المطلوبة للعيش واستمراريّة الماليّة العامة للدولة، مع بدء المديرين التنفيذيين الذين يعيّنهم الصندوق بالتحكّم بالقرارات النقديّة والماليّة والاقتصاديّة، لرهن البلاد بشكل كامل والسيطرة على القرار السياسيّ مقابل القروض الماليّة، وليس، كما يروّج البعض، بأنّ الأموال ستساعد لبنان على النهوض مجدداً.


نماذج حيّة

1- الإكوادور


في العام 2019، وقّعت الإكوادور اتفاقيّة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.2 مليارات دولار لمدة 3 سنوات.


كانت شروط الصندوق تتمثل بطرد الموظّفين من القطاع العام، ورفع الضرائب، وخفض الاستثمار العام، وتقليص الموازنة 6% نسبةً إلى الناتج المحلي، وكانت النتيجة ارتفاع خط الفقر من 50% إلى 70%، ونسبة البطالة من 15% إلى 70%، إضافةً إلى ارتفاع الدين العام إلى 16 مليار دولار، وتخصيص 75% من ميزانيتها لسداد الديون.


أمّا الهدف الذي تحقق، فهو إغراق الإكوادور في الديون لاستغلال ثرواتها، وخصوصاً بعد التأكّد من توفر مخزون كبير من النفط الخام لديها، ووجود احتياطي تؤكّد الدراسات أنّه منافس من حيث الكمّية لنفط الشرق الأوسط، ويشكّل أحد بدائله، بحيث أصبحت حصّة الشركات الأميركية اليوم تعادل 75 دولاراً لكلّ 100 دولار ناتجة من الخام في البلاد.


2- الأرجنتين


حقّق صندوق النقد في الأرجنتين فشلاً ذريعاً، ولم يستطع فرض الحد الأدنى من التوازن الاقتصادي والاجتماعي المطلوب، بحيث ارتفع الدين العام من 241 مليار دولار إلى 321 مليار دولار، وانخفضت قيمة العملة بشكل حاد، وارتفعت معدلات الفقر من 35% إلى 47%، كما ارتفعت الأسعار بمعدّل 7% شهريّاً، ما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية.


3-  اليونان


بلغ الدين العام في اليونان ما يقارب 180% من الناتج المحلي بعد توقيع الاتفاق مع الصندوق، ورافق ذلك ارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض عدد السياح، وإثقال المصارف بقروض غير مسدّدة، فضلاً عن الفضائح التي نُشرت في "ويكيليكس" عن مخطط التآمر على اليونان من قبل المشرفين على الملف المالي، وتسليم البلاد ورهنها وإخضاعها لشروط البؤس في صندوق النقد.


4- تونس


غذّى صندوق النقد الفساد في تونس، وكان العنوان العريض للتجربة هو "غياب التخطيط"، فخفضت التقديمات الاجتماعية عشوائيّاً، وجرت خصخصة قطاعات الدولة وأملاكها، وفرضت الدولة ضرائب إضافية، كما انخفضت قيمة العملة. كل هذا من أجل قرض بقيمة 1.740 مليار دولار. وعندما طلبت تونس تجديد القرض مع زيادة قيمته إلى 2.8 مليار دولار، ازدادت الشروط السياسيّة تحت عناوين وأهداف اقتصادية.


5- الأردن


رغم أنّ تجربة الأردن مع صندوق النقد ما تزال حديثة العهد، إذ حصلت البلاد على قرض بقيمة 1.3 مليار دولار العام الماضي، فإنَّ تداعياتها ظهرت بسرعة، إذ تراجعت القدرة الشرائية، وانخفض الحد الأدنى للأجور وسط تجاهل حقوق العمال، وازدادت الضرائب. والنتيجة كانت أنّ الاقتصاد ما يزال يحتضر.


6-  مصر


يَعتبر صندوق النقد الدولي أنّه حقّق تجربة ناجحة في مصر، لكن مقابل تحقيق نمو إيجابي بنسبة 4%، زادت نسبة الفقر من 30% إلى 46%، وارتفعت أسعار الأدوية، كما زادت الضرائب، وانخفض الإنفاق العام على الصحة والتعليم. ويهدف إغراق مصر في الديون إلى السيطرة على مصادر الغاز المهمة جداً، وخصوصاً بعد اكتشاف حقل ظهر في شرق سواحل المتوسط.


يقول جون بيركنز في كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي" (Hit Man Confession of an Economic)، إنّ الجانب غير المرئي في خطّة القروض والمشروعات هو تكوين مجموعة من العائلات الثريّة ذات النفوذ الاقتصادي والسياسي داخل الدولة المدينة، تُشكّل امتداداً للنخبة الأميركية، من خلال اعتناق أفكارها ومبادئها وأهدافها، بحيث ترتبط سعادة الأثرياء الجدد ورفاهيتهم بالتبعية طويلة المدى للولايات المتحدة.


في المحصّلة، لا تصبح السياسات الاقتصادية جيّدة إلا من خلال منظور الشركات الكبرى، وتكون الدول التي تقتنع بهذه المفاهيم مُطالَبةً بخصخصة الصحة والتعليم وخدمات المياه والكهرباء. بعدها، تصبح مضطرة إلى إلغاء الدعم وجميع القيود التجارية التي تحمي الأعمال الوطنية، بينما عليها القبول بأن تستمرّ أميركا وشركاؤها من الدول الصناعية الكبرى بتقديم الدعم لقطاعات أعمالها وفرض القيود لحماية صناعاتها.


هذه النماذج موضوعة اليوم أمام لبنان، فإمّا تُثبّت السلطة السياسيّة خيارات الدولة العميقة، وترهن البلد، وتتخلى عن مصادر الغاز والطاقة الكبيرة التي تمتلكها لصالح الغرب وشركاته، وتتعمّق الأزمة في البلاد، وإما تأخذ قراراً بالنهوض الاقتصادي، بدءاً من التفكير الحقيقي في تنويع الخيارات الاقتصادية، انطلاقاً من حدوده الشرقية، وصولاً إلى عمق آسيا والصين وروسيا.

________________

زياد ناصر الدين كاتب وباحث اقتصادي

°°°°°°°°°°°°°°°°°

المصدر: الميادين نت


24 نوفمبر 2020

لماذا سوريا؟

    11/24/2020 02:15:00 م   No comments


28 مايو 2020

عمل: دمقرطة. عدم سلعنة. مجابهة التلوث

    5/28/2020 05:50:00 م   No comments
 
ماذا تُعلمنا هذه الأزمة
من هذا الوباء؟ بادئ ذي بدء، أنه لا يمكن اختزال البشر في مكان العمل إلى "موارد". الأطباء (الطبيبات)، والممرضين (ات)، والصيادلة، وعمال (عاملات) التوصيل، وعمال (عاملات) صندوق الدفع بالمتاجر وجميع أولئك الذين يسمحون لنا بمواصلة العيش في هذه الفترة من الحجر دليل حيّ على ذلك. يوضح لنا هذا الوباء أيضًا أنه لا يمكن اختزال العمل في حد ذاته إلى "سلعة". فالرعاية الصحية، والعناية الإجتماعية، ومرافقة أكثر الفئات هشاشة هي أنشطة يجب حمايتها من الخضوع لقوانين السوق وحده، وإلا فإننا نخاطر بزيادة مطردة لعدم المساواة، لدرجة التضحية بالأضعف والأكثر فقراً. لتجنب مثل هذا السيناريو، ما الذي يجب فعله؟ يجب السماح للموظفين بالمشاركة في القرارات، أي دمقرطة الشركة. وأيضاً، يجب عدم سلعنة العمل، أي أن يضمن المجتمع عمل مجدي للجميع. في الوقت الذي نواجهُ بأنٍ واحد، خطرَ الوباءِ وخطر انهيار مناخي، فإن هذين التغييرين الاستراتيجيين سيسمحان لنا، ليس فقط بضمان كرامة كل فرد، ولكن أيضًا بالعمل بشكل جماعي لإزالة التلوث الذي أصاب الكوكب وإنقاذه.
دمقرطة. يستيقظ العاملون - وخاصة العاملات - في الخدمات الأساسية كل صباح للذهاب لخدمة الآخرين، في حين أن جميع أولئك الذين يستطيعون البقاء في الحجر، يبقون في الحجر في بيوتهم. هؤلاء العاملون (والعاملات) الأساسيون يبرهنون على كرامة عملهم وعلى عدم تفاهة وظائفهم. وهم يظهرون الحقيقة الأساسية التي سعت الرأسمالية دائمًا إلى جعلها غير مرئية، ساعية بذلك إلى تحويل البشر إلى "موارد": لا يوجد إنتاج أو خدمة بدون المستثمرين في عملهم.

29 أكتوبر 2019

العراق الجديد... التظاهر السلمي في العراق والساسة

    10/29/2019 11:38:00 ص   No comments

نشرت صفحة "صالح محمد العراقي" المقربة من الصدر، اليوم (4 تشرين الأول 2019)، على موقع فيسبوك، وثيقة للصدر قال فيها: "احقنوا الدم العراقي الشريف باستقالة الحكومة (شلع قلع)، ولنبدأ بانتخابات مبكرة باشراف أممي، فما يحدث من استهتار بالدم العراقي لايمكن السكوت عليه". 

____________

جاء ذلك في رسالة نشرها المكتب الاعلامي لعبد المهدي ردا على تصريحات الصدر طالب فيها الاول باعلان انتخابات مبكرة.

وهذه هي نص الرسالة:

25 أكتوبر 2019

توظيف الرئيس بوتين للدبلوماسية والعسكروالدين لمواجهة تحركات الغرب ومراجعات إردوغان المنقوصة

    10/25/2019 06:36:00 ص   No comments
توظيف الرئيس بوتين للدبلوماسية والعسكروالدين لمواجهة تحركات الغرب


لـ حسني محلي

انتبه بوتين إلى تحركات الغرب و "إسرائيل"، وهو يسعى اليوم إلى مواجهتها، ليس فقط عبر الدبلوماسية ولغة العسكر، بل من خلال الدين الذي يبحث له عن مضمون جديد يساعده على تحقيق أهداف روسيا للقرن الحادي والعشرين، كما ساعد الدين أميركا على الانتصار على الاتحاد السوفياتي والشيوعية خلال القرن الماضي.

21 سبتمبر 2019

انتخابات تونس: قراءة في تراجُع "النهضة" وتقدّم آخرين

    9/21/2019 06:51:00 ص   No comments
محمد علوش
فاجأت الانتخابات التونسية الأوساط السياسية والمُراقبين في الداخل والخارج بنتائجها التي تصدَّرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

المُفاجأة الأكثر أهمية هي تدني نسبه الاقتراع في بلدٍ يُعتَبر الأكثر تعافياً في سُلَّم الديمقراطية بين الدول العربية كافة. وهو أمر مُحيِّر لأولئك الذين طالما قالوا إن ارتفاع منسوب الديمقراطية في المجتمعات يزيد من ارتفاع نسبة المشاركة السياسية للجماهير، حيث يُتَرجَم ذلك بتزايُد عدد الأحزاب وارتفاع نسبه الاقتراع في الاستحقاقات الدستورية.

في الحال التونسية حصل العكس تماماً. فنسبة الاقتراع لم تتجاوز 45 % مُقارنة بنسبه 63 % عام 2014. ولا يجد المرء تفسيراً سياسياً لها إلا بإحالة الأمر إلى تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعد الثورة نتيجة تواضُع أداء وبرامج القوى السياسية المُتنافِسة، والتي - على ما يبدو- لم تقنع الناخِب التونسي بتوجّهاتها.

31 يوليو 2019

ما سبب استدارة الإمارات نحو طهران؟

    7/31/2019 12:55:00 م   No comments
 قاسم عز الدين
 

الاجتماع الخامس الأخير "لخفر السواحل بين الإمارات وإيران" يعود إلى عام 2013، ولم يكن من المتوقع قبل أسابيع قليلة انعقاد الاجتماع السادس الحالي في طهران بسبب التصعيد الأميركي في مياه الخليج وانخراط الإمارات والسعودية في صدارة "فريق الباءات"، بحسب تعبير وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

لكن لقاء وفد عسكري إماراتي في طهران بذريعة "خفر السواحل" لا يشير فقط إلى التراجع الإماراتي، بل يشير أيضاً إلى تجاوب إيران مع المساعي الإماراتية بعد أن أقفلت طهران الأبواب أمام محاولات أبو ظبي.

في العدوان على اليمن وفي التحريض على الحرب ضد إيران، ذهبت أبو ظبي أبعد من الخطوط الحمر حتى عبّرت طهران عن غضبها إثر إقلاع الطائرة الأميركية التي أسقطتها طهران من الأراضي الإماراتية.

30 يونيو 2019

الإخوان المسلمون في مصر يعلنون إجراء مراجعات داخلية

    6/30/2019 04:12:00 م   No comments

أعلن المكتب العامّ لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر تبنّي الجماعة توجهاً جديداً للفترة المقبلة، على خلفية ما وصفته بالواقع الجديد بعد وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي وبعد مراجعات داخلية متعددة.

ووصف بيان الجماعة الرئيس مرسي بأنه "رمز التجربة الديمقراطية المصرية"، متهمةً السلطات بـ "تعمد قتله عبر الإهمال الطبي" ومطالبة بمحاسبة جميع المتورطين في ما أسمته "الجريمة".

ورأى البيان أن ما حدث منذ الثالث منذ 3 تموز/يوليو 2013 هو "انقلاب عسكري نتج عنه حكم عسكري دموي يجب إنهاؤه فوراً"، في إشارة إلى الفترة التي تمت تنحية مرسي واستلام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي السلطة.

أما عن استراتيجية عملها المقبلة فأوضح البيان أن الخيار الاستراتيجي الأمثل والأبقى للإخوان هو الخيار الثوري الشامل عبر أدوات المقاومة المدنية المشروعة.

وفي ختام البيان أكدت الجماعة قيامها بمراجعات داخلية ووقوفها على الأخطاء، وخلصت إلى إعلان التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة.

3 يونيو 2019

حرب سعودية على «حماس»: حملة اعتقالات وتجميد حسابات... والحركة «أجرت مراجعة شاملة»

    6/03/2019 06:35:00 ص   No comments
عبد الرحمن نصار، ماجد طه 


لم تعد المهادنة تنفع «حماس» في علاقتها بالسعودية التي تخطّت الحدود المقبولة حتى لأسوأ العلاقات. فَمِن هجمة إعلامية واتهام بـ«الإرهاب» على خلفية «التواصل الممتاز» مع إيران، وصولاً إلى رفض قيام إسماعيل هنية بجولة خارجية، تشنّ الرياض حملة مجنونة تشمل أيضاً اعتقالات وعمليات ترحيل، وتجميداً لحسابات، ومنعاً ورقابة على الحوالات. في المقابل، تحاول «حماس»، بمساعدة من طهران وحزب الله، إحداث اختراق على صعيد العلاقة مع حضنها الأدفى: دمشق.

24 أبريل 2019

أزمة الحزب الحاكم في تركيا وغِياب المُراجعات هي التي تكمُن خلف الأزمة الاقتصاديّة

    4/24/2019 09:18:00 ص   No comments
عبد الباري عطوان
 
هُناك مثلٌ شعبيٌّ يقول “ضربتين في الرأس توجع والثالثة قاتِلة”، ويعتقد كثيرون أنّ هذا المثل ينطبق بطريقةٍ أو بأُخرى على الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان، بالنّظر إلى الحَملات التي يتعرّض لها داخل تركيا وخارجها خاصّةً من الولايات المتحدة الأمريكيّة وإسرائيل وحُلفائهما العرب.

الضّربة الأُولى التي تلقّاها الرئيس أردوغان تمثّلت في خسارته وحزبه لثلاث مُدن رئيسيّة في الانتخابات البلديّة الأخيرة 31 (آذار) مارس هي إسطنبول وإزمير وأنقرة، وخمس بلديّات كُبرى في مدينة أنطاليا، أمّا الثانية فتجسّدت في خسارته لأقرب حُلفائه العرب وهو الرئيس السودانيّ عمر البشير الذي أطاح به الانقلاب الأخير المدعوم من السعوديّة والإمارات، أبرز خُصومه، وهُناك من يتكهّن باحتمال خسارته لطرابس الليبيّة في ظِل الهجمة التي يشنّها الجنرال خليفة حفتر للاستيلاء عليها بدعمٍ من الرئيس دونالد ترامب شخصيًّا والمُثلّث المِصريّ السعوديّ الإماراتيّ.

9 أبريل 2019

مستقبل الانتقال في الجزائر

    4/09/2019 05:55:00 م   No comments
 صورية بو عامر*


لا تُخفى على الجميع، حدّة الصخب السياسي التي شهدتها الساحة السياسية منذ الانتفاضة الشعبية في 22 شباط/فبراير الفارط، للمطالبة بتحوّلات سياسية، اقتصادية، اجتماعية حقيقية، بعيداً عن سياسة النظام السلطوي التسلّطي الشمولي الذي كان ضحية فشله المواطن الجزائري ودفع ثمن إخفاقاته.

29 سبتمبر 2018

مع أم ضد؟ عن الجدل التونسي حول المساواة في الميراث

    9/29/2018 07:16:00 ص   No comments
 عبد الوهاب الملوح*

ما أثار الضجة التي تبعها جدل حاد في جميع وسائل الإعلام وصل إلى درجة التظاهر والاحتجاج في الشوارع، هو مسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، الذي أعاد النقاش في قضية المرأة في الإسلام إلى المربّع الأول.
لماذا يسمح الدين الإسلامي بتعدّد الزوجات؟ السؤال نفسه لم يبل بفعل الزمن وظل متجدّداً. وغالباً لا يقف عند هذا الحدّ، بل يتعداه إلى أسئلة أخرى تتمحور حول القضايا التي ما انفكّ يطرحها مفكّرون ومفكّرات والتي تتصل بوضعية المرأة في الإسلام.

2 سبتمبر 2018

ظاهرة الانتحار والتطرف عند "الجهاديين الجدد"

    9/02/2018 12:05:00 م   No comments
 د. هيثم مزاحم

يلاحظ الباحث الفرنسي أوليفييه روا أن جميع المدافعين عن "داعش" لا يتحثون أبداً عن الشريعة ولا يأتون تقريباً على ذكر المجتمع الإسلامي الذي سيقوم في ظل "داعش"، كأن إرادة القيام بالجهاد وإرادة العيش في ظل الإسلام أمران متعارضان. فالعيش في مجتمع إسلامي لا يعني الجهاديين، فهم لا يهاجرون للجهاد من أجل الحياة، وإنما من أجل الموت.

29 أغسطس 2018

تونس وشبح التفكيك الناعم في سوق الحرية والمساواة

    8/29/2018 12:58:00 م   No comments
 صلاح الداودي*

يكمن الوهم الكبير في ادّعاء أن دستور تونس الجديد المُتشكّل من خليطٍ هجينٍ من عدّة مرجعيات مركّبة على بعضها البعض، قد حسم الجدل في عدّة قضايا ومن أهمها قضايا السيادة والاستقلال والهوية والعدالة، في حين أن الواقع يثبت في كل مرة أنه ما من قضية خلافية تُذكَر إلا ويصبح اختراق وتجاوز الدستور أمراً واقعاً ومن الجهتين إن كانتا حكماً ومعارضة أو كانتا "النهضة" أو"النداء". تكمن المُغالطة الكبرى في ادّعاء أن المسار الانتفاضي المُنقلب عليه أثناء وما بعد سنة 2011 كان حصراً وأولوياً من أجل الحريات كما أراد

13 أغسطس 2018

بغداد والعقوبات الأميركية: العبادي يدفع ثمن موقفه؟

    8/13/2018 06:49:00 ص   No comments
بغداد والعقوبات الأميركية: العبادي يدفع ثمن موقفه؟ 

 نور أيوب

«تصريحه حُرّف»، هذا ما يؤكّده مقربون من حيدر العبادي، في تعليقهم على موقفه من العقوبات الأميركية على إيران. موقفٌ «كان بالغنى عنه»، إذ تسبّب بفتح اشتباكٍ سياسي محليّ يحمل بُعداً إقليمياً، تحت عنوان: من «الوفي» لطهران؟ حربٌ من البيانات «خوّنت» العبادي أمس، وإذا ما جُمعت مع أحداث الأيّام الماضية، فإن ما جرى يدور في فلك «الولاية الثانية»، والتي تبتعد عن الرجل شيئاً فشيئاً، فهل يدفع العبادي ثمن موقفه الرمادي؟

المتابعون


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.