عمر الردّاد
محطتان بارزتان في التاريخ السياسي المعاصر لجماعة الإخوان المسلمين أسهمتا في دخول الإخوان السياسة الدولية, باعتبارها جماعة سياسية ذات مرجعية دينية لها ثقلها , نجحت في إقناع أوساط غربية بأنها الخيار الأنسب لتامين مصالحه من جهة ,والتقليل من خطر الإرهاب الإسلامي, الأولى كانت 11 سبتمبر, والثانية مخرجات “الربيع العربي”.
ففي الأولى ،قدم الإخوان أنفسهم باعتبارهم يمثلون الإسلام المعتدل وأنهم يرفضون الإرهاب ويستنكرون ما قامت به القاعدة, وفي ظل اندفاعه غربية في أمريكا وأوروبا لفهم الإسلام والمسلمين وجد الإخوان المسلمون ضالتهم ,وركزوا على تفسير ظاهرة الإرهاب بدكتاتوريات وفساد أنظمة الحكم العربية والإسلامية وفشلها، وبالتزامن قدّمت إيران نفسها باعتبارها تمثل الإسلام الصحيح , وتم بعناية إنتاج مقاربة الوهابية وتحميلها المسؤولية وحيدة عن 11 سبتمبر, وبعد دراسات مستفيضة تولدّت مقاربات في أمريكا وأوروبا، عنوانها ان الإخوان المسلمين جماعة إسلامية معتدلة ,وبحال دعمها يمكن ان تحقق مصالح الغرب ,بمكافحة التطرف والإرهاب,والبدء ببناء أسس الديمقراطية ,فكانت التسهيلات التي قدمت للأمريكان من قبل الإخوان المسلمين وإيران في أفغانستان والعراق ,دليلا على تلك المقاربة.
أما في المحطة الثانية وهي الربيع العربي , فكان انكشاف النظام الرسمي العربي وفي ظل ثبوت ان الدولة العربية التي نشأت, بعد الاستعمار العربي هشة وان كل ما نشا في ظلالها من مؤسسات وجيوش وأحزاب , كانت هياكل بلا جذور حقيقية ,حيث برزت مؤسستا القبيلة والدين باعتبارهما المرجعية الحقيقية , ورغم أن أيا ممن خرجوا الى الشوارع في الربيع العربي لم يرفعوا شعار المطالبة بعودة الخلافة الإسلامية , وكما حدث إبان الثورة الإيرانية على الشاه,نجح الإخوان ومعهم القاعدة وداعش, في اختطاف الثورات,فيما غاب العلمانيون والقوميون والمستقلون ,لأسباب مرتبطة في جلّها بالتنظيم والتخطيط, ودعم جهات عربية وأجنبية للإخوان ,فغابت شعارات وأهداف هذا الربيع ,فكانت النهضة في تونس والتنظيم الدولي في قيادة مصر, ولاحقا قيادة الحكومة في المغرب, وحمل الإخوان السلاح بالثورة الليبية ,والثورة السورية, والمشاركة بفاعلية في انتخابات المجالس النيابية وغيرها من المؤسسات التمثيلية,في العديد من الدول العربية والإسلامية, في ظل شعور عارم بالنصر,وقناعات ان هناك لحظة تاريخية لاستلام السلطة, بصيغ تعكس الخلافة الإسلامية.
لكن تجارب الإخوان في الحكم خاصة في مصر,وتطورات الإرهاب لاحقا , طرحت شكوكا عميقة حول وعودهم للغرب,وإمكانية الركون لاعتبارهم الجهة التي يُعول عليها في إمكانية إحداث التغيير المنشود,فموقفهم تجاه الإرهاب موضع شكوك في ظل ليس فقط عدم إدانتهم له ,بل في تبريره وترديد مقولات الإرهابيين انه رد فعل على استبداد الأنظمة او سياسات الغرب,وخاصة دعم إسرائيل , والموقف من الديمقراطية والتعددية والأخر ,حيث استحوذ الإخوان على كامل السلطة في مصر,واستقطبوا إرهابيين الى السلطة , فيما كانت تجربتهم مختلفة في تونس ,إضافة لعدم امتلاكهم برامج اقتصادية وخدمية وتنموية حقيقية, وان مخرجات سياساتهم هي ذاتها مخرجات القاعدة والإرهاب المرتبطة بالخلافة بمفهومها الشامل,وكانت جماعة الإخوان وسعّت دوائر اتصالها ,خلال الربيع العربي ,وفق خطابين: الأول مع الغرب يؤكد في حال وصولهم إلى السلطة التزامهم بالديمقراطية, بما في ذلك حقوق المرأة والأقليات المسيحية والتشاركية والحرية ,والثاني خطاب محلي يجّرم الغرب الكافر ويدعو للقضاء على إسرائيل ويُحرض على العنف باسم المقاومة , فيما أسهمت المراكز والجمعيات والهيئات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين , في أمريكا وأوروبا واستراليا, من خلال خطاب تحريضي في إنتاج متطرفين إسلاميين ,انضموا لداعش وقبلها القاعدة في العراق وسوريا.
وخلافا لقناعات الإدارة الأمريكية السابقة , ولأدراك الغرب عموما خاصة في أوروبا, بعد العمليات الدامية في العواصم الأوروبية , وشيوع مقاربات وأفكار مرتبطة بالاسلاموفوبيا,ان الإرهاب الإسلامي مرتبط بايدولوجيا تحريضية , متورط فيها الإخوان المسلمون, إضافة لكون عدد غير قليل من التنظيمات الإرهابية كانت اخوانية بالأصل, برزت أسئلة كبرى حول علاقة الإخوان المسلمين بالإرهاب , لدرجة ان الإدارة الأمريكية الجديدة تقترب من اعتبارهم تنظيما إرهابيا,فيما تزداد احتمالات اتخاذ دول أوروبية القرار نفسه, ترافق ذلك مع انشقاقات في صفوف تنظيمات الإخوان المسلمين في الدول العربية والإسلامية جماعات وأفراد ,كشف كثير منها جوانب التنظيم السري للجماعة ومخططاته ,وخاصة علاقة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية ,وانفتاح أوساط اخوانية على إيران , في إطار تحالفات بالنزاعات الإقليمية .
ورغم محاولات التجديد داخل الجسم الاخواني , والقناعة بضرورة الاستجابة للمتغيرات الدولية والإقليمية ,خاصة بعد مصير تجربة الحكم الاخواني في مصر,والشكوك الأوروبية والأمريكية بالتجربة الإسلامية في تركيا,كعنوان لتجربة حكم إسلام حداثي, وأخيرا النزاع بين قطر ودول عربية ,لأسباب عديدة, من بينها دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين, إلا أن النجاحات كانت محدودة, وعمليا ما زالت هناك شكوك في استجابة قيادات الجماعة لتلك الدعوات وإصلاح برامجها وهياكلها وطرق عملها لعل أولها وأهمها الفصل بين السياسي والدعوي, لدرجة يمكن معها القول ان الربيع الذي شهده الجسم الاخواني ,حقق نتائج اقل بكثير من الربيع العربي.
مؤكد ان تنظيم الإخوان المسلمين مرّ بظروف وأزمات عديدة , خلال تاريخه خاصة صراعه مع الدولة المصرية في أوائل خمسينات القرن الماضي , الا انه تمكن من الصمود وإعادة البناء في ظل ظروف دولية, تغيرت منذ انهيار الشيوعية العالمية ,ويبدو ان الإطراف الدولية التي أسهمت في إنتاج ودعم الإخوان والإسلام السياسي, جادة اليوم في الإطاحة بالطرفين, بعد انتهاء الدور الوظيفي لهما,حيث بدأت خلايا تفكير غربية بإعداد دراسات لما بعد الإسلام السياسي” الاسلاموية”في ظل سقوط الايدولوجيا والأفكار الكبرى ,تؤيدها وقائع تشير الى تراجع شعبية الإخوان المسلمين,تتزامن مع أحاديث عن “صفقات كبرى” وحلول لازمات المنطقة ,مؤكد ان الإسلام السياسي وأطيافه ليس جزءا منها , فهل تدرك قيادات الإخوان إن هوامش المناورة تضيق لأسباب مختلفة,وان ما يشغل الشعوب الإسلامية اليوم ليس إغلاق خمارة في حيّ بمدينة كبيرة,وان قضايا المرأة اكبر من حصرها بالحجاب , وان البني الفكرية والسياسات الاخوانية الحالية ،غير قادرة على ترجمة شعارات الربيع العربي (الإصلاح ,الحرية, مكافحة الفساد…) , وان رسالة البوعزيزي ,مُفجر ثورات الربيع العربي فهمها الغرب:نحن نحرق أنفسنا ,لكي نعيش مثلكم!
محطتان بارزتان في التاريخ السياسي المعاصر لجماعة الإخوان المسلمين أسهمتا في دخول الإخوان السياسة الدولية, باعتبارها جماعة سياسية ذات مرجعية دينية لها ثقلها , نجحت في إقناع أوساط غربية بأنها الخيار الأنسب لتامين مصالحه من جهة ,والتقليل من خطر الإرهاب الإسلامي, الأولى كانت 11 سبتمبر, والثانية مخرجات “الربيع العربي”.
ففي الأولى ،قدم الإخوان أنفسهم باعتبارهم يمثلون الإسلام المعتدل وأنهم يرفضون الإرهاب ويستنكرون ما قامت به القاعدة, وفي ظل اندفاعه غربية في أمريكا وأوروبا لفهم الإسلام والمسلمين وجد الإخوان المسلمون ضالتهم ,وركزوا على تفسير ظاهرة الإرهاب بدكتاتوريات وفساد أنظمة الحكم العربية والإسلامية وفشلها، وبالتزامن قدّمت إيران نفسها باعتبارها تمثل الإسلام الصحيح , وتم بعناية إنتاج مقاربة الوهابية وتحميلها المسؤولية وحيدة عن 11 سبتمبر, وبعد دراسات مستفيضة تولدّت مقاربات في أمريكا وأوروبا، عنوانها ان الإخوان المسلمين جماعة إسلامية معتدلة ,وبحال دعمها يمكن ان تحقق مصالح الغرب ,بمكافحة التطرف والإرهاب,والبدء ببناء أسس الديمقراطية ,فكانت التسهيلات التي قدمت للأمريكان من قبل الإخوان المسلمين وإيران في أفغانستان والعراق ,دليلا على تلك المقاربة.
أما في المحطة الثانية وهي الربيع العربي , فكان انكشاف النظام الرسمي العربي وفي ظل ثبوت ان الدولة العربية التي نشأت, بعد الاستعمار العربي هشة وان كل ما نشا في ظلالها من مؤسسات وجيوش وأحزاب , كانت هياكل بلا جذور حقيقية ,حيث برزت مؤسستا القبيلة والدين باعتبارهما المرجعية الحقيقية , ورغم أن أيا ممن خرجوا الى الشوارع في الربيع العربي لم يرفعوا شعار المطالبة بعودة الخلافة الإسلامية , وكما حدث إبان الثورة الإيرانية على الشاه,نجح الإخوان ومعهم القاعدة وداعش, في اختطاف الثورات,فيما غاب العلمانيون والقوميون والمستقلون ,لأسباب مرتبطة في جلّها بالتنظيم والتخطيط, ودعم جهات عربية وأجنبية للإخوان ,فغابت شعارات وأهداف هذا الربيع ,فكانت النهضة في تونس والتنظيم الدولي في قيادة مصر, ولاحقا قيادة الحكومة في المغرب, وحمل الإخوان السلاح بالثورة الليبية ,والثورة السورية, والمشاركة بفاعلية في انتخابات المجالس النيابية وغيرها من المؤسسات التمثيلية,في العديد من الدول العربية والإسلامية, في ظل شعور عارم بالنصر,وقناعات ان هناك لحظة تاريخية لاستلام السلطة, بصيغ تعكس الخلافة الإسلامية.
لكن تجارب الإخوان في الحكم خاصة في مصر,وتطورات الإرهاب لاحقا , طرحت شكوكا عميقة حول وعودهم للغرب,وإمكانية الركون لاعتبارهم الجهة التي يُعول عليها في إمكانية إحداث التغيير المنشود,فموقفهم تجاه الإرهاب موضع شكوك في ظل ليس فقط عدم إدانتهم له ,بل في تبريره وترديد مقولات الإرهابيين انه رد فعل على استبداد الأنظمة او سياسات الغرب,وخاصة دعم إسرائيل , والموقف من الديمقراطية والتعددية والأخر ,حيث استحوذ الإخوان على كامل السلطة في مصر,واستقطبوا إرهابيين الى السلطة , فيما كانت تجربتهم مختلفة في تونس ,إضافة لعدم امتلاكهم برامج اقتصادية وخدمية وتنموية حقيقية, وان مخرجات سياساتهم هي ذاتها مخرجات القاعدة والإرهاب المرتبطة بالخلافة بمفهومها الشامل,وكانت جماعة الإخوان وسعّت دوائر اتصالها ,خلال الربيع العربي ,وفق خطابين: الأول مع الغرب يؤكد في حال وصولهم إلى السلطة التزامهم بالديمقراطية, بما في ذلك حقوق المرأة والأقليات المسيحية والتشاركية والحرية ,والثاني خطاب محلي يجّرم الغرب الكافر ويدعو للقضاء على إسرائيل ويُحرض على العنف باسم المقاومة , فيما أسهمت المراكز والجمعيات والهيئات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين , في أمريكا وأوروبا واستراليا, من خلال خطاب تحريضي في إنتاج متطرفين إسلاميين ,انضموا لداعش وقبلها القاعدة في العراق وسوريا.
وخلافا لقناعات الإدارة الأمريكية السابقة , ولأدراك الغرب عموما خاصة في أوروبا, بعد العمليات الدامية في العواصم الأوروبية , وشيوع مقاربات وأفكار مرتبطة بالاسلاموفوبيا,ان الإرهاب الإسلامي مرتبط بايدولوجيا تحريضية , متورط فيها الإخوان المسلمون, إضافة لكون عدد غير قليل من التنظيمات الإرهابية كانت اخوانية بالأصل, برزت أسئلة كبرى حول علاقة الإخوان المسلمين بالإرهاب , لدرجة ان الإدارة الأمريكية الجديدة تقترب من اعتبارهم تنظيما إرهابيا,فيما تزداد احتمالات اتخاذ دول أوروبية القرار نفسه, ترافق ذلك مع انشقاقات في صفوف تنظيمات الإخوان المسلمين في الدول العربية والإسلامية جماعات وأفراد ,كشف كثير منها جوانب التنظيم السري للجماعة ومخططاته ,وخاصة علاقة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية ,وانفتاح أوساط اخوانية على إيران , في إطار تحالفات بالنزاعات الإقليمية .
ورغم محاولات التجديد داخل الجسم الاخواني , والقناعة بضرورة الاستجابة للمتغيرات الدولية والإقليمية ,خاصة بعد مصير تجربة الحكم الاخواني في مصر,والشكوك الأوروبية والأمريكية بالتجربة الإسلامية في تركيا,كعنوان لتجربة حكم إسلام حداثي, وأخيرا النزاع بين قطر ودول عربية ,لأسباب عديدة, من بينها دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين, إلا أن النجاحات كانت محدودة, وعمليا ما زالت هناك شكوك في استجابة قيادات الجماعة لتلك الدعوات وإصلاح برامجها وهياكلها وطرق عملها لعل أولها وأهمها الفصل بين السياسي والدعوي, لدرجة يمكن معها القول ان الربيع الذي شهده الجسم الاخواني ,حقق نتائج اقل بكثير من الربيع العربي.
مؤكد ان تنظيم الإخوان المسلمين مرّ بظروف وأزمات عديدة , خلال تاريخه خاصة صراعه مع الدولة المصرية في أوائل خمسينات القرن الماضي , الا انه تمكن من الصمود وإعادة البناء في ظل ظروف دولية, تغيرت منذ انهيار الشيوعية العالمية ,ويبدو ان الإطراف الدولية التي أسهمت في إنتاج ودعم الإخوان والإسلام السياسي, جادة اليوم في الإطاحة بالطرفين, بعد انتهاء الدور الوظيفي لهما,حيث بدأت خلايا تفكير غربية بإعداد دراسات لما بعد الإسلام السياسي” الاسلاموية”في ظل سقوط الايدولوجيا والأفكار الكبرى ,تؤيدها وقائع تشير الى تراجع شعبية الإخوان المسلمين,تتزامن مع أحاديث عن “صفقات كبرى” وحلول لازمات المنطقة ,مؤكد ان الإسلام السياسي وأطيافه ليس جزءا منها , فهل تدرك قيادات الإخوان إن هوامش المناورة تضيق لأسباب مختلفة,وان ما يشغل الشعوب الإسلامية اليوم ليس إغلاق خمارة في حيّ بمدينة كبيرة,وان قضايا المرأة اكبر من حصرها بالحجاب , وان البني الفكرية والسياسات الاخوانية الحالية ،غير قادرة على ترجمة شعارات الربيع العربي (الإصلاح ,الحرية, مكافحة الفساد…) , وان رسالة البوعزيزي ,مُفجر ثورات الربيع العربي فهمها الغرب:نحن نحرق أنفسنا ,لكي نعيش مثلكم!
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا