محمد سيد رصاص *
في شهر آب (أغسطس) 2001 تم تأسيس «حزب العدالة والتنمية» في تركيا من قبل رجب طيب أردوغان وعبدالله غل، كانشقاق عن «حزب الفضيلة «وريث «حزب الرفاه» بزعامة رئيس الوزراء السابق نجم الدين أرباكان الذي أطيح في انقلاب 28 شباط (فبراير)1997. خلال الشهر التالي ( 11 أيلول/ سبتمبر) ضُرب برجا نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن. فاز «حزب العدالة والتنمية» في انتخابات 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 بغالبية مقاعد البرلمان التركي.
كان هناك الكثير من التقلبات الأميركية في طريقة التعامل مع مرحلة (ما بعد11أيلول): خلال أربعة أسابيع بدأ الغزو الأميركي لأفغانستان من أجل اقتلاع حكم «حركة طالبان» وحليفتها «القاعدة» ثم جرى الاتجاه منذ أيلول 2002 نحو غزو عسكري للعراق تم تنفيذه في فترة 19 آذار (مارس)- 9 نيسان (إبريل) 2003 من «أجل إعادة صوغ المنطقة» وفق تعبير وزير الخارجية الأميركية كولن باول. في ضوء اضطراب العملية الأميركية في بلاد الرافدين جرى الاتجاه نحو الاعتماد على «اسلام معتدل» كبديل وفي مواجهة تطرف «القاعدة»، بعد أن مال الكثير من أطراف إدارة بوش الإبن خلال فترة ما بعد ضرب البرجين وبالذات خلال عامي 2002 و2003 نحو «ربط الإرهاب بالثقافة الاسلامية».
في شهر آب (أغسطس) 2001 تم تأسيس «حزب العدالة والتنمية» في تركيا من قبل رجب طيب أردوغان وعبدالله غل، كانشقاق عن «حزب الفضيلة «وريث «حزب الرفاه» بزعامة رئيس الوزراء السابق نجم الدين أرباكان الذي أطيح في انقلاب 28 شباط (فبراير)1997. خلال الشهر التالي ( 11 أيلول/ سبتمبر) ضُرب برجا نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن. فاز «حزب العدالة والتنمية» في انتخابات 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 بغالبية مقاعد البرلمان التركي.
كان هناك الكثير من التقلبات الأميركية في طريقة التعامل مع مرحلة (ما بعد11أيلول): خلال أربعة أسابيع بدأ الغزو الأميركي لأفغانستان من أجل اقتلاع حكم «حركة طالبان» وحليفتها «القاعدة» ثم جرى الاتجاه منذ أيلول 2002 نحو غزو عسكري للعراق تم تنفيذه في فترة 19 آذار (مارس)- 9 نيسان (إبريل) 2003 من «أجل إعادة صوغ المنطقة» وفق تعبير وزير الخارجية الأميركية كولن باول. في ضوء اضطراب العملية الأميركية في بلاد الرافدين جرى الاتجاه نحو الاعتماد على «اسلام معتدل» كبديل وفي مواجهة تطرف «القاعدة»، بعد أن مال الكثير من أطراف إدارة بوش الإبن خلال فترة ما بعد ضرب البرجين وبالذات خلال عامي 2002 و2003 نحو «ربط الإرهاب بالثقافة الاسلامية».
منذ عام 2004 بدأ انفتاح أميركي على رئيس الوزراء التركي أردوغان بعد خصومة رافقت عملية غزو العراق إثر رفض البرلمان التركي في 1آذار 2003 فتح جبهة شمالية أمام القوات الأميركية المتأهبة لغزو الجار الجنوبي لتركيا، ثم ما أثاره الاحتلال الأميركي من وساوس تركية حول تداعياته التي بدأت الظهور لناحيتي تنامي قوة الأحزاب والقوى الشيعية العراقية الموالية لطهران وبروز قوة الأكراد في شمال العراق عند الحدود التركية. في عامي 2004 و2005 بدأت تظهر عند بعض مراكز الأبحاث الأميركية أطروحات تدعو إلى اعتماد أردوغان كـ «نموذج أميركي للعالم الاسلامي». في2005 بدأت في لندن مفاوضات سرية بين (التنظيم العالمي للإخوان المسلمين) والإدارة الأميركية، أوحت باتجاه أميركي نحو اعتماد أميركي لـ»حسن البنا» في مواجهة «أسامة بن لادن». خلال العام نفسه ضغطت واشنطن على الرئيس المصري حسني مبارك نحو حريات انتخابية سمحت لجماعة الاخوان المسلمين بالفوز بحوالى خمسة مقاعد في البرلمان المصري. أيضاً، وخلال الشهر الأخير من العام ذاته كسر الفرع الإخواني العراقي، أي «الحزب الاسلامي»، مقاطعة للانتخابات البرلمانية العراقية قررتها معظم القوى السياسية ذات القاعدة الاجتماعية في الوسط السنّي العربي، ثم شارك في حكومة نوري المالكي في شهر أيار 2006.
مع دخول واشنطن وطهران في حال مواجهة منذ شهر آب 2005 مع استئناف طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم بعد أيام من تولي أحمدي نجاد للرئاسة، ثم دخول العاصمتين في مواجهة اقليمية كان أحد تجسداتها حرب صيف 2006 في لبنان، ظهر اتجاه أميركي واضح نحو تعويم الدور الاقليمي التركي، بعد حال النبذ الأميركية لأنقرة التي حصلت أيام الغزو الأميركي للعراق عندما كانت واشنطن في حال تحالف وتعاون مع العاصمة الايرانية. في خريف 2006، ومع صعود وتنامي المد الاقليمي الايراني، طرحت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليسا رايس أثناء جولتها في المنطقة تصور «معتدلون في مواجهة متطرفين» من الواضح أنه كان موجهاً ضد طهران كما هو موجه ضد «تنظيم القاعدة».
كيف كان أردوغان
كان أردوغان في قلب ورأس هذا التصور الأميركي لاقليم الشرق الأوسط: لم يكن هذا بمعزل عن انفتاح أنقرة على العاصمة السورية لإبعادها عن المحور الايراني، بما فيها رعاية أردوغان للمفاوضات السورية – الاسرائيلية غير المباشرة في اسطنبول خلال النصف الثاني من عام 2008، ثم الدور التركي في تقريب سعد الحريري من دمشق في عام2009. في الاتجاه الأميركي نفسه كان انفتاح أردوغان على حركة «حماس» لابعادها عن طهران و«حزب الله»، وقد كانت الرعاية الأميركية لرئيس الوزراء التركي هي التي سمحت للأخير بـ «التجرؤ» على تلك المجابهة التلفزيونية في مؤتمر دافوس مع شمعون بيريز بعد أيام قليلة من نهاية حرب غزة في الشهر الأول من عام 2009. أيضاً وفي المسار نفسه كانت مشاركة أنقرة مع دمشق والرياض في رعاية «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي لاضعاف نوري المالكي واسقاطه في انتخابات برلمان7آذار 2010، قبل أن تنفك دمشق من هذا التحالف داعمة المالكي مع طهران في خريف 2010 لمنصب رئيس الوزراء من جديد، ثم تبتعد عن أنقرة والرياض متحالفة مع طهران في اسقاط حكومة سعد الحريري اللبنانية في الشهر الأول من عام2011.
في اليوم التالي لسقوط الحكومة اللبنانية سقط نظام الرئيس التونسي بن علي في14 كانون الثاني (يناير) وبعد أحد عشريوماً كانت بداية الثورة المصرية ضد حكم الرئيس مبارك. لم تتأثر عملية فشل أجندات أردوغان في بغداد ودمشق وبيروت في تخفيف حظوته الاقليمية عند البيت الأبيض، بل زادت مع بدء»الربيع العربي» واتجاه واشنطن، مع سقوط حكم الرئيس مبارك، نحو اعتماد تحالف أميركي مع (تنظيم الاخوان المسلمين) سهًل صعودهم الى السلطة في تونس ومصر ومشاركتهم في الحكم في اليمن وليبيا، ثم تلزيم أميركا لتركيا إدارة ملف المعارضة السورية مع تشكيل «المجلس الوطني السوري» الذي كان واضحاً وجلياً سيطرة الاخوان عليه منذ ولادته في اسطنبول في 2 تشرين الأول (أكتوبر)2011. هنا، في الجولة التي قام بها أردوغان بنهاية تشرين الاول2011 لكل من القاهرة وطرابلس الغرب وتونس ظهر بمظهر أقرب الى «المنتصر الاقليمي» بعد أن «تعمم» نموذجه الاسلامي في تلك العواصم الثلاث، إن لم يكن في صورة سليم الأول عامي1516و1517.
انقلبت الأمور أميركياً في خريف عام2012 مع مقتل السفير الأميركي في ليبيا في مدينة بنغازي على يد اسلاميين في ذكرى اليوم نفسه الذي ضرب برجا نيويورك عام2001. كانت أول ترجمة لذلك في مدينة زغرب الكرواتية في 31 تشرين الأول 2012مع الهجوم اللاذع العلني في مؤتمر صحافي شنته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على»المجلس الوطني السوري» ثم ما أعقب هذا من ضغط واشنطن الكثيف لتشكيل»الائتلاف الوطني السوري». بعد أحد عشر يوماً من ذلك، كان واضحاً أن أنقرة لم تعد هي المهيمنة على التنظيم المعارض الجديد وكذلك أن (الاخوان المسلمين) لا يملكون الكلمة الأقوى.
في حرب مالي خلال الشهر الأول من عام2013 أظهر «اليوم التالي» لسقوط القذافي شيئاً صادماً اقليمياً ، كما داخلياً مثل 11 ايلول 2012 في بنغازي، عندما بان أن السلاح الخارج من مخازن القذافي بعد سقوطه هو الذي يحارب به الاسلاميون في تلك الدولة الافريقية الفرنسيين بعد أن كانت باريس هي التي تزعمت عملية (الناتو) ضد القذافي. لم يترجم هذا أميركياً ضد الاخوان المسلمين ولم يظهر إلا في اتفاقية موسكو بين لافروف وكيري في7 أيار التي كان واضحاً فيها أن التوافق الأميركي- الروسي حول طرق حل الأزمة السورية يتضمن اتفاقاً بين البيت الأبيض والكرملين يتضمن موقفاً اتجهت فيه العاصمة الأميركية نحو موقف عدائي من الاسلاميين يقارب الموقف الروسي يتجاوز سورية ليشمل منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
ظهر هذا أولاً في الموقف الأميركي السلبي من أردوغان أثناء أحداث ميدان تقسيم باسطنبول منذ يوم31 أيار، ثم في تباعد واشنطن عن أنقرة في مقاربة مرحلة مابعد سقوط حكم «الاخوان المسلمين» في القاهرة. يلاحظ هنا ترافق سقوط مرسي في 3 تموز(يوليو)، وتضعضع حكم الاسلاميين في تونس، والتبدل الذي حصل بالحكم في الدوحة قبل أيام من ذاك الذي حصل لحكم «الاخوان» في مصر، مع بداية ظهور علامات واضحة على دخول الدور الاقليمي التركي في طور الضعف. تزامن هذا مع تنامي دور السعودية الاقليمي، ومع انفتاح أميركي على طهران لا يمكن عزله عن توافق أميركي- روسي كان تجسيده الأول في 7 أيار في موسكو ثم في 14 أيلول في جنيف حول (الكيماوي السوري)، من الواضح أنه يشمل توافقاً يتعلق بالمنطقة عموماً وهو أبعد من الموضوع السوري، ستستبعد على ما يبدو أنقرة من مائدته فيما ستكون الرياض وطهران الى المائدة فيه مع واشنطن وموسكو.
____________________________
* كاتب سوري
* كاتب سوري
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا