لملخص التنفيذي
مع توسّع رقعة الصراع في سورية، ظل السكان في المناطق ذات الأغلبية الكردية معزولين عنه نسبياً. نظراً لعدم قيامهم بأنشطة تلفت الأنظار، فقد نجحوا في تجنب هجمات النظام؛ وبمرور الوقت، انسحبت قوات أمن النظام لتتمركز في أمكنة أخرى. اغتنمت المجموعات الكردية الفرصة لتحل محلها، وتستولي على مناطق نفوذ، وتحمي مناطقها، وتقدم الخدمات الأساسية ولتضمن وضعاً أفضل للأكراد في سورية ما بعد الأسد. من الممكن تحقيق مكاسب كبيرة، إلاّ أنه لا يمكن التسليم بالاحتفاظ بهذه المكاسب. ما تزال التطلعات الكردية تحت رحمة النزاعات الداخلية، والعداوة مع العرب (التي تجلت في الصدامات الأخيرة) والتنافس الإقليمي حول المسألة الكردية. بالنسبة لأكراد سورية، الذين عانوا ومنذ وقت طويل من القمع وحرموا من حقوقهم الأساسية، فإن الحكمة تقضي بالتغلب على الانقسامات الداخلية، وتوضيح مطالبهم، والاتفاق مع أي هيكلية سورية للسلطة ستحل محل النظام الحالي على تعريف وترسيخ حقوقهم، حتى لو كان ذلك على حساب تقديم تنازلات صعبة. وقد آن الأوان كي يقوم نظراؤهم من غير الأكراد بوضع استراتيجية ذات مصداقية لتطمين جميع السوريين بأن رؤية النظام الجديد للدولة، وحقوق الأقليات، والعدالة والمساءلة هي رؤية متسامحة وشاملة على حد سواء.
يقطن أكراد سورية، وهم مجموعة متمايزة عرقياً ولغوياً، مناطق قريبة من الحدود التركية والعراقية، رغم أن عدة مدن أخرى في أجزاء أخرى من البلاد، خصوصاً دمشق وحلب، فيها مجموعات كردية كبيرة أيضاً. بشكل أكثر دقة، فإن المنطقة التي يسكنونها لا تمثل إقليماً، سواء سياسياً ـ على عكس نظرائهم في العراق، فإنهم لن يحصلوا على حكم ذاتي في ظل النظام البعثي ـ أو جغرافياً؛ فحتى المناطق ذات الأغلبية الكردية في الشمال الشرقي تنتشر فيها مناطق متفرقة تضم السنة العرب، والأشوريين، والأرمن، والتركمان واليزيديين. في الوضع الراهن، لا يستطيع المرء أن يتحدث عن إقليم متصل الأطراف. علاوة على ذلك، وعلى عكس إخوانهم في تركيا، والعراق وإيران، فإنهم لا يتمتعون بميزة وجود الجبال في مناطقهم بحيث يتمكنون من تنظيم مجموعات مسلحة بشكل آمن تستطيع مقاومة الحكومة المركزية.
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا