الطريق إلى دمشق ليست كما كانت عليه قبل ستة أشهر، ولا قبل عام، ولا قبل عام ونصف عام. الأزمة التي تعصف بسوريا حاضرة في كل شيء. الحواجز العسكرية والأمنية، والفواصل الإسمنتية التي يعرفها اللبنانيون جيداً، كلها باتت حاضرة. والمفاجأة تتطلب التوقف عن السير عند رؤية عشرات المواطنين يحيطون بمبنى صغير. تحتاج إلى ثوانٍ من الامعان، قبل أن تكتشف أنهم يقفون في طابور لولبي حول فرن لشراء الخبز
ابراهيم الأمين
دمشق | فاروق الشرع انشقّ؟ لا، هو في إقامة جبرية!. لا، هو موجود الآن بعيداً عن أعين النظام. الشرع بات تحت حماية مجموعات من المعارضة المسلحة. وصل إلى الأردن برفقة عشرات الضباط. في طريقه إلى باريس، ينتظره الآن مسؤول كبير... إلى آخر الإشاعات التي لم تتوقف قنوات داعمة لخصوم النظام في سوريا عن تردادها وتبادلها مع مواقع الكترونية. فاروق الشرع خارج دائرة القرار. تم إبعاده عن المشاورات الرئيسية. القيادات السورية لا تتواصل معه. التقارير التي ترد من الجهات المعنية لا تصل إليه. تم عزله وإعفاؤه من مهامه كنائب للرئيس. لم يعد مكلّفاً بأي مهمة منذ تشييع كبار الضباط في انفجار مبنى الأمن القومي... إلى آخر التسريبات التي لم يتوقف زوار العاصمة السورية من مؤيدين للنظام عن تردادها.
الواقع لا هذا ولا ذاك. نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في الحدث، ولكن ليس في دائرة صنع القرار. اتصالاته قائمة مع بعض المسؤولين في البلاد. يتواصل مع الرئيس بين الحين والآخر، وهو على تواصل مع بعض أعضاء القيادة. حركته ومقر إقامته يخضعان لإجراءات حماية مطابقة لكل الاجراءات التي تشمل كل من هم في دائرة القرار اليوم. حيويته قائمة. لا يزال على صلة أيضاً بمعارضين وشخصيات مستقلة من خارج الدولة وخارج النظام. لديه ملاحظات يومية على كل ما يجري، كما لديه انتقاداته وهواجسه التي لطالما عبّر عنها في الاجتماعات الرسمية من دون محاولة إيصالها إلى وسائل الإعلام.
لكن هناك ما تغير. لا يشعر فاروق الشرع بالإحباط، لكنه مثقل بهموم بلده، ويصف الواقع كما هو. لا يعتقد بأنه مضطر لأن يكون حاضراً في كل شاردة وواردة، خصوصاً عندما يكون مقتنعاً بأنه لا يستطيع تغيير الحلول المتبعة. لا يمكنه السكوت عن خطأ أو الصمت على أمور تهدّد مصير البلد. ولخبرته في النظام ومؤسساته ورجالاته. لا يحتاج إلى من يقول له متى يتدخل وكيف.
في منزل تصل إليه السيارة بعد المرور بحواجز عسكرية، يجلس فاروق الشرع وهو يعيد رسم المشهد السوري منذ اليوم الأول للأزمة. يتحدث عن النظام وقيادة الحزب والدولة، وما يجري على الأرض، والأدوار الخارجية التي تقوم بها دول ضد سوريا وضد دورها التاريخي في المنطقة. كل ذلك لا يجعله يحيد لحظة عن شعوره بالمسؤولية عن القيام بدور ومسعى حثيث يساهمان في إخراج سوريا من أزمتها المتفاقمة.
هو صديق للشعب الروسي الوفي لعلاقاته التاريخية مع الشعب السوري. وفي الصين، يتذكر زياراته إلى هذا البلد العظيم الذي تطورّ بصمت وبصبر حتى صار من أقوى بلدان العالم. أما إيران، فيرى أنها الأقرب إلى سوريا، وليس إلى النظام فقط.. يثق بحكمة مرشدها السيد علي الخامنئي منذ كان رئيساً للجمهورية الإسلامية، ويشيد بنضال السيد حسن نصر الله ويرى أنه كان من الممكن أن يكون لهما دور أكبر في السعي إلى حل سياسي حقيقي مبكر للأزمة السورية.
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا