أصدر المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين الذي انعقد في مدينة جروزني عاصمة جمهورية الشيشان والذي استمر ثلاثة أيام من 25 إلى 27 أغسطس 2016، عدد من النتائج والتوصيات ، وجاء أبرزها:
- أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى.
- أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى.
- للقرآن الكريم حرم يحيطه من العلوم الخادمة له، المساعدة على استنباط معانيه، وإدراك مقاصده وتحويل آياته إلى حياة وحضارة وآدابا وفنون وأخلاق ورحمة وراحة وإيمان وعمران وإشاعة السلم والأمان في العالم حتى ترى الشعوب والثقافات والحضارات المختلفة عيانا أن هذا الدين رحمة للعلمين وسعادة في الدنيا والآخرة.
ويعتبر هذا المؤتمر نقطة تحول هامة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم "أهل السنة والجماعة" إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه.
وخرج المؤتمر الذى افتتحه الدكتور أحمد الطيب ،شيخ الازهر الشريف، بعدة توصيات وهى:
1. أوصى المؤتمر بإنشاء قناة تليفزيونية على مستوى روسيا الاتحادية لتوصيل صورة الإعلام الصحيحة للمواطنين ومحاربة التطرف والإرهاب.
2. زيادة الاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي وتخصيص ما يلزم من الطاقات والخبرات للحضور الإيجابي في تلك الوسائط حضورا قويا وفاعلا.
3. أن يتم إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف واقترح المتجمعون أن يحمل هذا المركز اسم "تبصير".
4. عودة مدارس العلم الكبرى والرجوع إلى تدريس دوائر العلم المتكاملة التي تخرج العلماء والقادرين على تفنيد مظاهر الانحراف الكبرى.
5. ضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العمية العريقة كالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية.
6. ضرورة فتح منصات تعليمية للتعليم عن بعد لإشاعة العلم الآمن.
7. توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والمحاضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل والتحذير من خطر اللعب على سياسية الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه.
8. يوصي المؤتمر الحكومات بتشريع قوانين تجرم نشر الكراهية والتحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات.
9. أوصى المشاركون مؤسسات أهل السنة الكبرى – الأزهر ونحوه-بتقديم المنح الدراسية للراغبين في دراسة العلوم الشرعية من مسلمي روسيا.
10. كما أوصى المشاركون بأن ينعقد هذا المؤتمر الهام بشكل دوري لخدمة هذه الأهداف الجليلة.
كما تقدم المشاركون بالشكر للرئيس رمضان أحمد قديروف لجهوده المباركة في خدمة القرآن الكريم والسنة المطهرة.
أخراج الوهابية السلفية من دائرة مذهب أهل السنة والجماعة
بهدف التعريف بهوية “أهل السنة والجماعة”، حشد المؤتمر الذي افتتحه شيخ الأزهر أحمد الطيب واستضافته العاصمة الشيشانية غروزني، كبار علماء ومفكري العالم الإسلامي من مصر وسورية والأردن والسودان وأوروبا، بينهم: مفتي مصر الشيخ شوقي علّام، ومستشار الرئيس المصري ووكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري الشيخ أسامة الزهري ومفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة، إضافة إلى مفتي دمشق الشيخ عبدالفتاح البزم والداعية اليمني علي الجفري، كما حضر المؤتمر المفكر الإسلامي عدنان إبراهيم.
أخرج المؤتمر الوهابية السلفية من دائرة مذهب أهل السنة والجماعة، في موقف لم يكن جديداً على المستوى الديني، إلا أن الجهر به كان مقتصراً على الحلقات الدينية، لأسباب سياسية ومادية في غالبها.
المشاركون في المؤتمر وصفوه بأنه “نقطة تحول هامة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم “أهل السنة والجماعة” إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه”، في إشارة واضحة إلى الجماعات التكفيرية الوهابية المذهب السعودية الدعم.
ما الوهابية السعودية
لم يكن المؤتمر بحاجة إلى زوبعة إعلامية من قبل دعاة المملكة السعودية، لتبيان أن الهدف هو إعلان براءة “أهل السنة والجماعة” من الإنحرافات التي أدخلتها الوهابية بلبوسها الديني، والتي تمثلها المملكة السعودية بمشروعها السياسي.
"الدم بالدم والهدم بالهدم" كان الركيزة الأساس لتحالف محمد بن عبدالوهاب مع محمد بن سعود عام 1745 م، لا انفصام بين الوهابية الدينية والسعودية السياسية، لن تقوم الأولى بلا الثانية وليس مقدراً للثانية ان تستمر بلا الأولى، هذا ما تعهد به المحمدان، وهذا ما يبرر حمام الدم المفتوح منذ نشأة التحالف أو ما عُرف بـ "ميثاق الدرعية" الذي قاد إلى الدولة السعودية الأولى، والثانية، ووريثتهما الدولة السعودية الثالثة التي أسسها عبدالعزيز ابن سعود.
منذ العام 1932 (إعلان قيام المملكة السعودية بعد السيطرة على كامل أراضي نجد والحجاز)، كان العالم الإسلامي مفتوحاً أمام التمدد الوهابي-السعودي، استخدمت المملكة السعودية “الوهابية” كسلاح لتعزيز نفوذها في العالم الإسلامي الذي أخرجت أهاليه من دائرة الإسلام ما عدا من قال بما جاء به ابن عبدالوهاب. المنطق الديني الهش لم يكن وحده سلاح المملكة، بل دعمته أموال النفط التي أُنفقت على تحويل أبناء المسلمين إلى الوهابية، عن طريق المدارس الدينية أو المساجد التي أنشأتها المملكة حول العالم.
الصراعات السياسية شغلت دول العالم الإسلامي عن التغلغل الديني الناعم للوهابية في هذه الدول، ما سمح لاحقاً بنشأة الجماعات المتطرفة التي استخدمتها السعودية سياسياً، ووجدت نفسها في مواجهتها بعد أن فرّخت جماعات استفحلت في التطرف، وتفوقت على المملكة بإطلاق العنان للتكفير.
مؤخراً، طرق إرهاب التكفير أبواب أوروبا بعد أن استهدف الدول الإسلامية، الشيشان الأوروبية-الإسلامية استشعرت خطر تكفير يوظف أبناء المسلمين لقتل أبناء المسلمين. وعلى المستوى العالمي بدأ الحديث عن آليات مواجهة التكفير، حتى في داخل السعودية التي لاتزال ترعاه فكرياً ومادياً. وفي هذا السياق العالمي العام أتى مؤتمر الشيشان، إلا أن الجديد في المؤتمر كان الموقف الحازم المُعلن تلميحاً في تحميل الوهابية-السعودية مسؤولية التكفير والتشدد.
حملةاعلامية سعودية
يوم السبت 27 آب/أغسطس انتهت فعاليات المؤتمر الذي استمر لأيام ثلاث، لتنطلق حملة إعلامية شعواء رعتها المؤسستين الدينية والسياسية في السعودية. فغرد الكاتب في صحيفة “الجزيرة” السعودية محمد آل الشيخ: “اختلف مع المتطرفين الغلاة و نالني منهم الكثير لكن اذا تعلق الامر بتقزيم الوطن وتهميشه سأتحول الى اكبر متشدد؛ فالوطن قضية موت وحياة في معاييري”.
وفي سياسة التمنين بالمال السعودي كتب الأكاديمي محمد عبدالله العزام: “مفتي مصر السابق علي جمعة تتلمذ على الشيخ حمود التويجري رحمه الله وأكرمه علماء السعودية وشبع من علمهم وموائدهم… مكافأة شيخ الأزهر للسعودية على مشاريعها الضخمة في الأزهر التحالف مع بوتين لطردها من العالم الإسلامي.. تحتاج لطبيب نفسي.”
فيما وصف المشرف على مؤسسة الدرر السنية الداعية علوي السقاف بيان مؤتمر الشيشان بالمخزي لأنّه فرّق الجماعة بإخراجة الوهابية من مذهب أهل السنة والجماعة. وتهجم السقاف على الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف واصفاً إياه بـ “الصوفي الخرافي”، مستعرضاً مقاطع مرئية “يتَّهم فيه الوهابيةَ بالخيانةِ لتعاليمِ الدِّين، ويقول عن المجاهِدين في سُوريَّة: إنَّهم ليسوا بمُجاهدِين وإنَّهم يُشوِّهون الإسلامَ”، وفق تعبير السقاف.
وعلى صورة السقاف، تداعى دعاة المملكة السعودية إلى مهاجمة المؤتمر، ومهاجمة “الصوفية” التي يتشكل منها غالبية مسلمي الشيشان، والتي تتهمها الوهابية بالشرك وتخرج من دائرة الإسلام عموماً، كحال مختلف المذاهب الإسلامية. النفير العام لدعاة المملكة، تجلى في تغريدة لإمام وخطيب جامع الملك خالد بالرياض سابقاً عادل الكلباني الذي قال: “ليكن مؤتمر الشيشان منبِّها لنا بأنَّ العالم يجمع الحطب لإحراقنا!”
إلا أن صوتاً فريداً مختلفاً خرج من داخل المملكة. انتقد الشيخ حسن فرحان المالكي مؤتمر الشيشان لتكريسه المذهبية مؤكداً على أن “الانتساب للفرق والمذاهب ليس شرعياً إنما الإنتساب للإسلام فقط هو الشرعي”، إلا أنه قال أيضاً إن “الذين أخذوا على مؤتمر الشيشان الإقصاء، هم من أكثر الناس إقصاء وعداوة لجميع المسلمين”، مضيفاً أنّ ” خطوة مؤتمر الشيشان سلبية وإيجابية في وقت واحد فهي سلبية من حيث تكريسها المذهبية وهي إيجابية من حيث استعادة أكثر أهل السنة لدورهم.”
الرد السعودي الرسمي: بيان الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء
حذرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء من الدعوات التي تهدف إلى إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية، مؤكدة أن كل ما أوجب فتنة أو أورث فرقة فليس من الدين في شيء، وليس من نهج محمد صلى الله عليه وسلم في شيء، الذي تنزل عليه
قول الله تعالى:(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء).
جاء ذلك تعليقًا على البيان الختامي للمؤتمر الذي عقد بمدينة غروزني-الشيشان بعنوان:(من هم أهل السنة).
وأضافت في بيان لها اليوم: إنه في محكم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد ?: أنه لا عز لهذه الأمة ولا جامع لكلمتها إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن أمة الإسلام أمة واحدة، وتفريقها إلى أحزاب وفرق من البلاء الذي لم تأت به الشريعة، وعلى الإسلام وحده تجتمع الكلمة، ولن يكون ذكر ومجد لهذه الأمة إلا بذلك، قال الله تعالى:(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون).
وأورد البيان أنه " في ضمن ذلك ؛ فإن الفقهاء والعلماء والدعاة ليسوا بدعا من البشر؛ فأنظارهم متفاوتة، والأدلة متنوعة، والاستنتاج متباين، وكل ذلك خلاف سائغ، ووجهات نظر محترمة، فمن أصاب من أهل الاجتهاد فله أجران، ومن أخطأ فله أجر.
والخلاف العلمي-بحد ذاته- لا يثير حفائظ النفوس، ومكنونات الصدور؛ إلا عند من قلّ فقهه في الدين، وساء قصده ونيته.
وأبان البيان أنه " ليس من الكياسة ولا من الحكمة والحصافة؛ توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية، وانتماءات فكرية، ورفع الشعارات والمزايدات والاتهامات والتجريح .
وقالت الأمانة في بيانها :" ومن ثَمَّ: فإن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تحذر من النفخ فيما يشتت الأمة ولا يجمعها، وعلى كل من ينتسب إلى العلم والدعوة مسؤولية أمانة الكلمة، ووحدة الصف، بخلاف أهل الأهواء الذين يريدون في الأمة اختلافًا وتنافرًا وتنابذًا وتنابزًا؛ يؤدي إلى تفرق في دينها شيعا ومذاهب وأحزابًا ، وما تعيشه الأمة من نوازل ومحن؛ يوجب أن يكون سببًا لجمع الصف والبعد عن الاتهامات والإسقاطات والاستقطابات؛ فهذا كله يزيد من الشُّقة ولا يخدم العالم الإسلامي، بل ينزع الثقة من قيادات العلم والفكر والثقافة ".
عن الموقع الحكومي: http://www.spa.gov.sa
...
______________________________
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا