____________________________________________________
«النصرة» لم تمت بعد: الجولاني يعلن «إمارة الشام»
صهيب عنجريني
اتضح أمس أن جهوداً كبيرة يبذلها زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، وبعون مباشر وأساسي من الشيخ السعودي عبدالله المحيسني، في مسعى لإعادة تنظيم صفوف جبهته. وكشف تسجيل صوتي مسرّب عن مخطط تعتزم «النصرة» من خلاله إقامة «إمارة الشام الإسلامية»، قبل أن يتم حذف التسجيل الذي يفتح مضمونه الباب أمام فصول جديدة من «الحرب الأهلية الجهادية»، تبدو الفصول السابقة أمامها مجرّد نزهة.
دقيقة واثنتان وعشرون ثانية هي كلّ ما تبقى من إعلان قيام «إمارة الشام» على لسان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، أمس. التسجيل الصوتي المسرّب الذي أعلن «الإمارة» تمّ حذفه عن المواقع التي نشرته كاملاً، وسارعت مصادر «النصرة» إلى تأكيد أن «أي تصريح صوتي أو كتابي لا يصدر عن مؤسّسة المنارة البيضاء أو أي جهة رسمية غير قابل للتصديق».
صفحات «الجهاديين» على مواقع التواصل الاجتماعي كانت قد شهدت جدلاً واسعاً بشأن صحة الأنباء التي تحدثت عن أن «الملا عمر (زعيم حركة طالبان) قد أعطى الضوء الأخضر لممثل جبهة النصرة لإعلان إمارة إسلامية تابعة له في الشام»، الأمر الذي نفته صفحات موالية لـ«طالبان»، قبل أن يُنشر التسجيل المنسوب إلى الجولاني في وقت متأخر من ليل أمس.
ويسارع مؤيّدو «النصرة» إلى الاحتفاء بالتسجيل وبـ«الإمارة» العتيدة. وقالت صفحات «جهادية» موالية لـ«النصرة» إنّ «إعلان الإمارة تم بالاتفاق مع أكبر الفصائل الإسلامية، كجيش المهاجرين والأنصار، والكتيبة الخضراء، وجند الأقصى، وجيش محمد، وأنصار الخلافة». كلام الجولاني جاء، كما يتضح من خلال التسجيل، وسط حشد من مؤيديه، قاطعوه مراراً بالتكبير والتهليل والهتاف: «كلنا قاعدة... كلنا أسامة... كلنا ظواهري... كلنا جولاني».
وسبقه في الحديث صوت أبو فراس الشامي الذي قال مخاطباً الحشد «بلا إطالة ومقدمات وتعريف، الكلمة الآن لشيخنا وأميرنا الفاتح أبو محمد الجولاني». وقال الجولاني مخاطباً الحشد إنه «قد آن الأوان أيها الأحبة لتقطفوا هذه الثمار. لقد جئتكم ببشرى والله. بملف نقيمُ به شرع الله عزّ وجلّ في هذه الأرض».
وأضاف: «قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام. نطبّق حدود الله عز وجل، ونطبّق شرعه بكل ما تقتضيه الكلمة من معنى. دون تهاون أو استهانة أو مواربة أو مداراة. (...) تحفظ حقوق المسلمين وتصون حرماتهم.
الجولاني: الخلافة المعلنة ساقطة ولو أعلنوها ألف مرة
تجبي الزكاة، وتقيم الحدود...». وخاطب الجولاني «جنود النصرة» بالقول: «أنتم أصحاب المشروع، فلا يزايدن عليكم أحد. (...) بيدكم هذا المفتاح (الإمارة) لا ينازعكم أحد غيركم لا في الشام ولا في خارجها». ونالت قضية «الخلافة» حيّزاً من الكلمة، فقال «هذا الخليفة (أبو بكر البغدادي) باطل، حتى لو قام بإعلان الخلافة ألف مرة، لا يجب على أي أحد أن ينخدع بهذا الأمر».
وأضاف: «خلافة تقام على هدم مشروع جهادي تحلم فيه الأمة منذ 1400 عام، خلافة تقوم على من أعان النظام في قتالكم، هي خلافة ساقطة ولو أعلنوها ألف مرة». كذلك أكد زعيم «النصرة» أنّ «الجبهة تملك قوة هائلة، قَلّ من يستطيع منافستها في أرض الشام»، متابعاً: «هذه الأمة سيكون لها خطوط تماس مع كل من يتربصون بالأمة شراً، من النظام والغلاة والمفسدين. (...) بعد اليوم لن يكون هناك انسحاب من أي منطقة مهما كان السبب. لن نرحم من يقف في وجه مشروع الإمارة كائناً من كان...». وبدا الجولاني معنياً بشرح «استراتيجيات الإمارة» للحشد، فأوضح أنه «في غضون أسبوع سيكون هناك محاكم شرعية في المناطق المحررة. (...) سيكون هناك جيش وإمارة. سيتم تقسيم الجيوش إلى كتائب وسرايا. سيكون هناك جيش في حلب، وجيش في إدلب. (...) إخوانكم في درعا سيلتحقون بكم. والأمر كذلك في الغوطة المحاصرة. سنضع استراتيجية لجمع هذه الإمارات في إمارة واحدة».
وأضاف مؤكداً أنه «بعد ذلك سيكون جيش عرمرم، يضرب اليهود ويتحدى الكل». وكشف عن أن الجيش سيقوده أبو قتادة الألباني، ويبدو أن الألباني كان حاضراً في المحفل، حيث خرجت أصوات الحضور تنادي: «بعدو بعدو بدنا نشوف الشيخ». قبل أن يقول الجولاني: «عليكم بالسمع والطاعة لهذا الشيخ، وأي جندي يعصيه فسوف يحاسب، مني أنا الى أصغر جندي». ثم يختتم ممهداً لكلمة يلقيها المحيسني. مصدر «جهادي» من «مبايعي النصرة» في حلب أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الكلمة قد ألقاها الشيخ الجولاني بالفعل، ولكن ليس بهدف إعلان الإمارة على الملأ كما حاول الدواعش أن يروّجوا». وأوضح المصدر أن «الكلمة أُلقيت في ريف حلب، خلال مبايعة كتيبة صقور العز للشيخ الجولاني، وبحضور الشيخ المحيسني، وعدد من أبرز قادة الجهاد المبارك».
ويبدو أنّ أحد الحاضرين قد قام بتسجيل المجريات، قبل أن يُسرّب التسجيل لاحقاً. المصدر أكّد أنّ «البشريات ستتوالى في الأيام القادمة، وستسمعون عن بيعات وبيعات تُعيد نظمَ ما انفرط، وتعقد لواء النصر بيد الشيخ الفاتح، إن شاء الله».
_____________
تزايد حركة «الهجرة» بعد إعلان «الخلافة»
عبد الله سليمان علي
تستمر «جبهة النصرة» في محاولة لملمة ذيول الهزيمة التي تعرضت لها في المنطقة الشرقية على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وما استتبع هذه الهزيمة من فرار قادتها وسقوطها في مستنقع التشتت والتشرذم، الأمر الذي دفع في ما يبدو القيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى مد يد العون إلى فرعها في الشام، في الوقت الذي يلاحظ فيه أن حركة قدوم «المقاتلين الأجانب» إلى سوريا قد تسارعت وتيرتها منذ إعلان ما سمي «دولة الخلافة الإسلامية».
وثمة تحركات غريبة تجري في حلب وإدلب على صعيد تنقلات مقاتلي «جبهة النصرة»، وانسحابهم من بعض الأماكن والاحتشاد في أماكن أخرى.
وبينما ساد الاعتقاد أن هذه التنقلات تعود إلى سعي «النصرة» لإعادة لم شمل عناصرها، وتعزيز أماكن تواجدها في مناطق محددة تكون قريبة من الحدود التركية، بدل الانتشار على مساحات واسعة، مع ما يعنيه ذلك من زيادة ضعفها، فإنّ مصادر إعلامية مقربة من «داعش» لم تخف اعتقادها أن زعيم «النصرة» أبا محمد الجولاني ربما يخطط من وراء حشد عناصره قرب الحدود لإعلان «إمارة» خاصة به في شمال حلب، يكون مركزها مدينة إعزاز.
وفي ظل عدم إمكانية التأكد من صحة هذه المخططات لإقامة «إمارة»، بدا لافتاً أن يصدر بيان عن «جيش محمد في بلاد الشام» بقيادة أبي عبيدة المصري، وهو حليف لـ «جبهة النصرة» بل سرت أنباء في وقت سابق عن مبايعته لها، يعلن فيه عن نيته البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية و«إقامة الحدود» في كافة المناطق المسيطر عليها، معتبراً ذلك خبراً «كفجر الدجى، إذ انبثق من مدلهمات الأمور وسط عظائم الشرور».
يذكر أن أدبيات «جبهة النصرة» تنطلق من أنه لا يجوز إقامة الحدود أوقات الحرب، ما يطرح تساؤلات بشأن هذا التغيير المفاجئ على قناعة أحد أبرز التشكيلات المتحالف معها. والجدير بالذكر أن «جيش محمد» يسيطر على أجزاء من مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، والتي ذكرت مصادر «داعش» أن «جبهة النصرة» تخطط لجعلها «عاصمة إمارتها» التي تنوي إعلانها.
من جهة ثانية، نفت مصادر إعلامية، مقربة من حركة «طالبان» افغانستان أن يكون الملا عمر قد أرسل إلى الجولاني مفوضاً إياه بإنشاء «إمارة» في الشام. والجدير بالذكر أن الجولاني يعتبر تابعاً للملا عمر لأن تنظيم «القاعدة» يعتبر «أمير» فرعه في الشام مبايعا لـ«إمارة أفغانستان» ويعمل بإشرافها وتوجيهها. وهو ما زاد الشكوك حول صحة الأنباء التي تحدثت عن نية الجولاني إنشاء «إمارة»، لكن يبدو أن خطوته لم تحظ بموافقة «أمرائه» المباشرين كأيمن الظواهري والملا عمر.
من جهة أخرى، يبدو أن الوضع الحرج الذي تمر به «جبهة النصرة» بعد هزيمتها في دير الزور، دفع بالقيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى إرسال بعض الكوادر للمساهمة في إعادة هيكلة الجسد العسكري و«الشرعي» لكيانها المتهالك، ومحاولة إنقاذها من حالة التشرذم والتشتت التي غلبت عليها، بعد تضارب الأنباء عن مصير كبار «أمرائها» وقادتها.
وقد يكون وصول الشيخ السعودي ماجد الراشد (أبو سياف) إلى سوريا، يأتي ضمن هذا السياق، لما يعرف عن هذا الشيخ من صلات قوية بتنظيم «القاعدة»، حيث قاتل معه في عهد عبدالله عزام وأسامة بن لادن قبل أن يعتقل في الرياض لمدة 17 عاماً. كما يعرف عن الشيخ عداوته الكبيرة لـ«داعش»، وربما هذه هي الميزة الأهم التي دفعت لإرساله في هذه الظروف.
وفور وصوله كتب الراشد، على حسابه في «تويتر»، «هنا أرض الشام. هنا أرض الملحمة. هنا الأرض المباركة فسطاط المسلمين»، معتذراً من أهله وأبنائه لأنه لم يستطع إخبارهم بذهابه «لأسباب أمنية» واعداً متابعيه أنه سيبدأ التغريد بعد العيد.
ولا تقتصر «الهجرة» إلى أرض الشام على مقاتلي «النصرة»، أو الكوادر التي ترسلها القيادة العامة لـ«القاعدة» لمساندتها، إذ يمكن القول أن حركة «الهجرة» شهدت تسارعاً ملحوظاً منذ الإعلان عن «دولة الخلافة» في الأول من رمضان، أو هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من الصفحات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الفصائل «الجهادية»، والتي تتحدث بشكل شبه يومي عن وصول أعداد من «المقاتلين الأجانب».
ونشرت صفحة مقربة من «داعش» صوراً لاحتفال قالت أنه جرى لمناسبة استقبال 70 «مهاجراً» وصلوا أمس إلى سوريا، بينما كانت مصادر مقربة من «الدولة الإسلامية» قد سربت أن أعداد من وصلوا إلى «دولة الخلافة»، منذ الإعلان عنها، بلغ حوالي 370 «مهاجراً».
وكان الشيخ السعودي عبيد الشمري وصل إلى سوريا قبل أيام فقط من إعلان «الخلافة»، علماً أنه كان ملاحقاً من أجهزة المباحث في بلاده. وما له دلالته في هذا السياق أن الإعلام «الجهادي» التابع لـ«داعش» أطلق عصر أمس حملة أسماها «جمعة الهجرة إلى دولة الخلافة»، الأمر الذي يشير إلى أننا قد نشهد وصول المزيد من قوافل المقاتلين الأجانب إلى سوريا في الأشهر المقبلة.
_________________
زوجة أمير داعش، "سجى حميد الدليمي"، والتي كانت قد أعتقلت من قبل السلطات السورية في السجون، واطلق سراحها خلال صفقة تبادل عدد من راهبات دير معلولا
«النصرة» لم تمت بعد: الجولاني يعلن «إمارة الشام»
صهيب عنجريني
اتضح أمس أن جهوداً كبيرة يبذلها زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، وبعون مباشر وأساسي من الشيخ السعودي عبدالله المحيسني، في مسعى لإعادة تنظيم صفوف جبهته. وكشف تسجيل صوتي مسرّب عن مخطط تعتزم «النصرة» من خلاله إقامة «إمارة الشام الإسلامية»، قبل أن يتم حذف التسجيل الذي يفتح مضمونه الباب أمام فصول جديدة من «الحرب الأهلية الجهادية»، تبدو الفصول السابقة أمامها مجرّد نزهة.
دقيقة واثنتان وعشرون ثانية هي كلّ ما تبقى من إعلان قيام «إمارة الشام» على لسان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، أمس. التسجيل الصوتي المسرّب الذي أعلن «الإمارة» تمّ حذفه عن المواقع التي نشرته كاملاً، وسارعت مصادر «النصرة» إلى تأكيد أن «أي تصريح صوتي أو كتابي لا يصدر عن مؤسّسة المنارة البيضاء أو أي جهة رسمية غير قابل للتصديق».
صفحات «الجهاديين» على مواقع التواصل الاجتماعي كانت قد شهدت جدلاً واسعاً بشأن صحة الأنباء التي تحدثت عن أن «الملا عمر (زعيم حركة طالبان) قد أعطى الضوء الأخضر لممثل جبهة النصرة لإعلان إمارة إسلامية تابعة له في الشام»، الأمر الذي نفته صفحات موالية لـ«طالبان»، قبل أن يُنشر التسجيل المنسوب إلى الجولاني في وقت متأخر من ليل أمس.
ويسارع مؤيّدو «النصرة» إلى الاحتفاء بالتسجيل وبـ«الإمارة» العتيدة. وقالت صفحات «جهادية» موالية لـ«النصرة» إنّ «إعلان الإمارة تم بالاتفاق مع أكبر الفصائل الإسلامية، كجيش المهاجرين والأنصار، والكتيبة الخضراء، وجند الأقصى، وجيش محمد، وأنصار الخلافة». كلام الجولاني جاء، كما يتضح من خلال التسجيل، وسط حشد من مؤيديه، قاطعوه مراراً بالتكبير والتهليل والهتاف: «كلنا قاعدة... كلنا أسامة... كلنا ظواهري... كلنا جولاني».
وسبقه في الحديث صوت أبو فراس الشامي الذي قال مخاطباً الحشد «بلا إطالة ومقدمات وتعريف، الكلمة الآن لشيخنا وأميرنا الفاتح أبو محمد الجولاني». وقال الجولاني مخاطباً الحشد إنه «قد آن الأوان أيها الأحبة لتقطفوا هذه الثمار. لقد جئتكم ببشرى والله. بملف نقيمُ به شرع الله عزّ وجلّ في هذه الأرض».
وأضاف: «قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام. نطبّق حدود الله عز وجل، ونطبّق شرعه بكل ما تقتضيه الكلمة من معنى. دون تهاون أو استهانة أو مواربة أو مداراة. (...) تحفظ حقوق المسلمين وتصون حرماتهم.
الجولاني: الخلافة المعلنة ساقطة ولو أعلنوها ألف مرة
تجبي الزكاة، وتقيم الحدود...». وخاطب الجولاني «جنود النصرة» بالقول: «أنتم أصحاب المشروع، فلا يزايدن عليكم أحد. (...) بيدكم هذا المفتاح (الإمارة) لا ينازعكم أحد غيركم لا في الشام ولا في خارجها». ونالت قضية «الخلافة» حيّزاً من الكلمة، فقال «هذا الخليفة (أبو بكر البغدادي) باطل، حتى لو قام بإعلان الخلافة ألف مرة، لا يجب على أي أحد أن ينخدع بهذا الأمر».
وأضاف: «خلافة تقام على هدم مشروع جهادي تحلم فيه الأمة منذ 1400 عام، خلافة تقوم على من أعان النظام في قتالكم، هي خلافة ساقطة ولو أعلنوها ألف مرة». كذلك أكد زعيم «النصرة» أنّ «الجبهة تملك قوة هائلة، قَلّ من يستطيع منافستها في أرض الشام»، متابعاً: «هذه الأمة سيكون لها خطوط تماس مع كل من يتربصون بالأمة شراً، من النظام والغلاة والمفسدين. (...) بعد اليوم لن يكون هناك انسحاب من أي منطقة مهما كان السبب. لن نرحم من يقف في وجه مشروع الإمارة كائناً من كان...». وبدا الجولاني معنياً بشرح «استراتيجيات الإمارة» للحشد، فأوضح أنه «في غضون أسبوع سيكون هناك محاكم شرعية في المناطق المحررة. (...) سيكون هناك جيش وإمارة. سيتم تقسيم الجيوش إلى كتائب وسرايا. سيكون هناك جيش في حلب، وجيش في إدلب. (...) إخوانكم في درعا سيلتحقون بكم. والأمر كذلك في الغوطة المحاصرة. سنضع استراتيجية لجمع هذه الإمارات في إمارة واحدة».
وأضاف مؤكداً أنه «بعد ذلك سيكون جيش عرمرم، يضرب اليهود ويتحدى الكل». وكشف عن أن الجيش سيقوده أبو قتادة الألباني، ويبدو أن الألباني كان حاضراً في المحفل، حيث خرجت أصوات الحضور تنادي: «بعدو بعدو بدنا نشوف الشيخ». قبل أن يقول الجولاني: «عليكم بالسمع والطاعة لهذا الشيخ، وأي جندي يعصيه فسوف يحاسب، مني أنا الى أصغر جندي». ثم يختتم ممهداً لكلمة يلقيها المحيسني. مصدر «جهادي» من «مبايعي النصرة» في حلب أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الكلمة قد ألقاها الشيخ الجولاني بالفعل، ولكن ليس بهدف إعلان الإمارة على الملأ كما حاول الدواعش أن يروّجوا». وأوضح المصدر أن «الكلمة أُلقيت في ريف حلب، خلال مبايعة كتيبة صقور العز للشيخ الجولاني، وبحضور الشيخ المحيسني، وعدد من أبرز قادة الجهاد المبارك».
ويبدو أنّ أحد الحاضرين قد قام بتسجيل المجريات، قبل أن يُسرّب التسجيل لاحقاً. المصدر أكّد أنّ «البشريات ستتوالى في الأيام القادمة، وستسمعون عن بيعات وبيعات تُعيد نظمَ ما انفرط، وتعقد لواء النصر بيد الشيخ الفاتح، إن شاء الله».
_____________
تزايد حركة «الهجرة» بعد إعلان «الخلافة»
عبد الله سليمان علي
تستمر «جبهة النصرة» في محاولة لملمة ذيول الهزيمة التي تعرضت لها في المنطقة الشرقية على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وما استتبع هذه الهزيمة من فرار قادتها وسقوطها في مستنقع التشتت والتشرذم، الأمر الذي دفع في ما يبدو القيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى مد يد العون إلى فرعها في الشام، في الوقت الذي يلاحظ فيه أن حركة قدوم «المقاتلين الأجانب» إلى سوريا قد تسارعت وتيرتها منذ إعلان ما سمي «دولة الخلافة الإسلامية».
وثمة تحركات غريبة تجري في حلب وإدلب على صعيد تنقلات مقاتلي «جبهة النصرة»، وانسحابهم من بعض الأماكن والاحتشاد في أماكن أخرى.
وبينما ساد الاعتقاد أن هذه التنقلات تعود إلى سعي «النصرة» لإعادة لم شمل عناصرها، وتعزيز أماكن تواجدها في مناطق محددة تكون قريبة من الحدود التركية، بدل الانتشار على مساحات واسعة، مع ما يعنيه ذلك من زيادة ضعفها، فإنّ مصادر إعلامية مقربة من «داعش» لم تخف اعتقادها أن زعيم «النصرة» أبا محمد الجولاني ربما يخطط من وراء حشد عناصره قرب الحدود لإعلان «إمارة» خاصة به في شمال حلب، يكون مركزها مدينة إعزاز.
وفي ظل عدم إمكانية التأكد من صحة هذه المخططات لإقامة «إمارة»، بدا لافتاً أن يصدر بيان عن «جيش محمد في بلاد الشام» بقيادة أبي عبيدة المصري، وهو حليف لـ «جبهة النصرة» بل سرت أنباء في وقت سابق عن مبايعته لها، يعلن فيه عن نيته البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية و«إقامة الحدود» في كافة المناطق المسيطر عليها، معتبراً ذلك خبراً «كفجر الدجى، إذ انبثق من مدلهمات الأمور وسط عظائم الشرور».
يذكر أن أدبيات «جبهة النصرة» تنطلق من أنه لا يجوز إقامة الحدود أوقات الحرب، ما يطرح تساؤلات بشأن هذا التغيير المفاجئ على قناعة أحد أبرز التشكيلات المتحالف معها. والجدير بالذكر أن «جيش محمد» يسيطر على أجزاء من مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، والتي ذكرت مصادر «داعش» أن «جبهة النصرة» تخطط لجعلها «عاصمة إمارتها» التي تنوي إعلانها.
من جهة ثانية، نفت مصادر إعلامية، مقربة من حركة «طالبان» افغانستان أن يكون الملا عمر قد أرسل إلى الجولاني مفوضاً إياه بإنشاء «إمارة» في الشام. والجدير بالذكر أن الجولاني يعتبر تابعاً للملا عمر لأن تنظيم «القاعدة» يعتبر «أمير» فرعه في الشام مبايعا لـ«إمارة أفغانستان» ويعمل بإشرافها وتوجيهها. وهو ما زاد الشكوك حول صحة الأنباء التي تحدثت عن نية الجولاني إنشاء «إمارة»، لكن يبدو أن خطوته لم تحظ بموافقة «أمرائه» المباشرين كأيمن الظواهري والملا عمر.
من جهة أخرى، يبدو أن الوضع الحرج الذي تمر به «جبهة النصرة» بعد هزيمتها في دير الزور، دفع بالقيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى إرسال بعض الكوادر للمساهمة في إعادة هيكلة الجسد العسكري و«الشرعي» لكيانها المتهالك، ومحاولة إنقاذها من حالة التشرذم والتشتت التي غلبت عليها، بعد تضارب الأنباء عن مصير كبار «أمرائها» وقادتها.
وقد يكون وصول الشيخ السعودي ماجد الراشد (أبو سياف) إلى سوريا، يأتي ضمن هذا السياق، لما يعرف عن هذا الشيخ من صلات قوية بتنظيم «القاعدة»، حيث قاتل معه في عهد عبدالله عزام وأسامة بن لادن قبل أن يعتقل في الرياض لمدة 17 عاماً. كما يعرف عن الشيخ عداوته الكبيرة لـ«داعش»، وربما هذه هي الميزة الأهم التي دفعت لإرساله في هذه الظروف.
وفور وصوله كتب الراشد، على حسابه في «تويتر»، «هنا أرض الشام. هنا أرض الملحمة. هنا الأرض المباركة فسطاط المسلمين»، معتذراً من أهله وأبنائه لأنه لم يستطع إخبارهم بذهابه «لأسباب أمنية» واعداً متابعيه أنه سيبدأ التغريد بعد العيد.
ولا تقتصر «الهجرة» إلى أرض الشام على مقاتلي «النصرة»، أو الكوادر التي ترسلها القيادة العامة لـ«القاعدة» لمساندتها، إذ يمكن القول أن حركة «الهجرة» شهدت تسارعاً ملحوظاً منذ الإعلان عن «دولة الخلافة» في الأول من رمضان، أو هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من الصفحات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الفصائل «الجهادية»، والتي تتحدث بشكل شبه يومي عن وصول أعداد من «المقاتلين الأجانب».
ونشرت صفحة مقربة من «داعش» صوراً لاحتفال قالت أنه جرى لمناسبة استقبال 70 «مهاجراً» وصلوا أمس إلى سوريا، بينما كانت مصادر مقربة من «الدولة الإسلامية» قد سربت أن أعداد من وصلوا إلى «دولة الخلافة»، منذ الإعلان عنها، بلغ حوالي 370 «مهاجراً».
وكان الشيخ السعودي عبيد الشمري وصل إلى سوريا قبل أيام فقط من إعلان «الخلافة»، علماً أنه كان ملاحقاً من أجهزة المباحث في بلاده. وما له دلالته في هذا السياق أن الإعلام «الجهادي» التابع لـ«داعش» أطلق عصر أمس حملة أسماها «جمعة الهجرة إلى دولة الخلافة»، الأمر الذي يشير إلى أننا قد نشهد وصول المزيد من قوافل المقاتلين الأجانب إلى سوريا في الأشهر المقبلة.
_________________
زوجة أمير داعش، "سجى حميد الدليمي"، والتي كانت قد أعتقلت من قبل السلطات السورية في السجون، واطلق سراحها خلال صفقة تبادل عدد من راهبات دير معلولا
قد لا يغلق السجال بسرعة في الصفقة التي أدت إلى مبادلة راهبات معلولا بـ150 معتقلة لدى الحكومة السورية. ولن يخرج قبل وقت طويل، تفسير لتصريحات رئيسة الدير بيلاجيا سياف المنتصرة لخاطفيها، من "متلازمة استوكهولم" والتعاطف المرضي للضحية مع خاطفها، أم من الاعتقاد الصادق للراهبة المسيحية مع من أساء إليها.
لكن الصفقة بين "النصرة" والاستخبارات القطرية تمت في النهاية، بعد مفاوضات دامت أشهرا، لم يفارقها أبدا اسم سجى حميد الدليمي، هدف العملية الأولى. فالأرملة العراقية، التي تقترب من الثلاثين من العمر، كانت دافعا رئيسيا لاختطاف الراهبات المعلوليات، ومحور المفاوضات التي دارت على جميع المسارات، قبل أن تصل إلى القناة القطرية، وتنجح.
فعندما أطلق سراحها على الحاجز الأخير للجيش اللبناني في عرسال، مع ابنيها أسامة وعمر وشقيقتها الصغيرة هاجر، استأنفت الطريق الذي قطع عليها اعتقالها من قبل الأمن السوري صبيحة الأول من تشرين الأول الماضي، عندما كانت تهم بلقاء أبيها حميد الدليمي في دير عطية، وعقد زواجها الثاني على "مجاهد" ليبي في "الكتيبة" الخضراء في يبرود، بعد أن كان قد خطبها من والدها قبل أشهر.
لكن الوصول إلى يبرود سبقته مفاوضات معقدة، اتضح في كل مراحلها أن إطلاق سراحها من سجنها السوري، هو مفتاح الحل، وان اللوائح التي كان يرفعها أبو عزام الكويتي إلى الأمن العام اللبناني، والتي اقتربت من ألف اسم نسائي، لم تكن أكثر من تغطية للهدف الحقيقي، سجى الدليمي، التي احتفلت "النصرة" بها وحدها، بينما كانت المطالب والأسماء تهبط إلى ما يقارب الـ 150 اسما في النهاية.
وكادت العملية كلها تتعطل، بانتظار أن تعبر الدليمية الحاجز الأخير نحو عرسال فيبرود، بينما لم يعبأ المفاوضون بمصير من تبقى من المعتقلات. وخلال المفاوضات الأولى في كانون الأول الماضي، طرح أبو عزام الكويتي شرط إطلاق سراحها مع ابنيها وشقيقتها هاجر، كمقدمة لأي مفاوضات وبادرة حسن نية من الحكومة السورية تجاه المفاوضين وهو ما رفضه السوريون على الفور.
فمن هي سجى الدليمي؟
اكتسبت سجى الدليمي، منذ اللحظة الأولى لاعتقالها، أهمية كبيرة بنظر "النصرة" و"داعش" و"الكتيبة الخضراء"، ليس لموقعها "الجهادي" الشخصي، وإنما لتقاطع علاقات أفراد عائلتها بين المجموعات "الجهادية" الثلاث، في العراق وسوريا. فالشابة العراقية هي الابنة الكبرى لحميد إبراهيم الدليمي، ووالدها هو احد "أمراء داعش" في سوريا، التي دخلها مع إخوة "الجهاد"، ومع أبي محمد الجولاني، منذ اللحظات الأولى للقتال في سوريا. وقتل الدليمي، الذي يعد ممولا ومؤسسا لـ"داعش"، في عملية عسكرية للجيش السوري في دير عطية في 30 أيلول الماضي.
ورغم أنها نشأت على مهنة الحلاقة النسائية والخياطة في الانبار وعامرية بغداد، إلا انها تعرفت على "الجهاد" عن قرب من خلال زوجها العراقي الأول فلاح إسماعيل جاسم، وهو احد قادة "جيش الراشدين"، والذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الانبار في العام 2010.
وتنخرط عائلة الدليمي بأسرها في "الجهاد"، وبرزت من شقيقاتها دعاء. ففي الثامن من أيلول العام 2008 دخلت دعاء حميد الدليمي تاريخ "الجهاد" العراقي، بوصفها الانتحارية الأولى التي "تخفق" في تفجير نفسها في تجمع كردي في اربيل. وكانت الدليمية الانتحارية قد لفت جسدها بحزام من ستة كيلوغرامات من مادة "سي فور"، ثأرا لزوجها حارث أمير "الدولة الإسلامية" في منطقة العامرية في بغداد، والذي قتله "الجيش الإسلامي"، لكن عطلا تقنيا أدى إلى نجاة اربيل من مجزرة.
ويقود شقيقها عمر الدليمي وحدة تابعة لـ"داعش" في القلمون. وفي صفوف "الكتيبة الخضراء" قاتل شقيقهما الصغير خالد، ذو الخمسة عشر عاما على جبهة قارة قبل سقوطها بيد "حزب الله" والجيش السوري في تشرين الثاني الماضي. وتجمع علاقات واسعة العائلة الدليمية، بقادة "النصرة" في يبرود و"داعش"، حيث عمل والدها قبل وفاته، إلى جانب "أمير جبهة النصرة" في القلمون أبي مالك التلي.
مقطع فيديو تظهر فيه للمرة الأولى زوجة أمير داعش، "سجى حميد الدليمي"، والتي كانت قد أعتقلت من قبل السلطات السورية في السجون، واطلق سراحها خلال صفقة تبادل عدد من راهبات دير معلولا
__________________
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا