29 أبريل 2014

اليس من المفروض ان يجلس عقلاء المعارضة السورية سويا لاجراء مراجعة شاملة لتجربة السنوات الثلاث الماضية

    4/29/2014 06:40:00 ص   No comments

عبد الباري عطوان
 وضع المعارضة السورية المسلحة بات “مقلقا” هذه الايام حيث بدأت الاضواء تنحسر عنها تدريجيا، وبشكل متسارع، في ظل تصاعد الانقسامات فيما بين قياداتها وفصائلها، وتقدم قوات النظام في بعض المناطق على الارض، ومضي الرئيس بشار الاسد قدما في خوض انتخابات رئاسية سيكون حتما هو الفائز فيهان دون اي اعتبار للانتقادات وحملات التشكيك في نزاهتها.
مؤتمر جنيف بنسختيه الاولى والثانية التي راهنت عليه المعارضة كسلّم للوصول الى هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة في حال موت سريري، ولا يزوره احد، وبدأ داعموه في الغرب يترحمون على روحه استعدادا لتكفينه ودفنه، اما منظومة اصدقاء سورية التي بدأت بمئة وستين دولة وانكمشت الى اقل من 11 دولة فقط، لم تجتمع منذ اشهر، واكتفت في الفترة الاخيرة باصدار البيانات الانشائية المكررة، واذا انتقلنا الى جامعة الدول العربية فانها تغيرت، بفعل عودة النفوذ المصري المتحالف ضمنيا مع النظام السوري، وتراجع النفوذ الخليجي نتيجة الازمة القطرية السعودية الى الانسحاب تدريجيا من الملف السوري، والتراجع عن منح الائتلاف المعارض مقعد سورية “الشاغر” فيها.

ولعل التطور الابرز هذه الايام هو كشف الدكتور احمد طعمة رئيس الحكومة السورية المؤقتة رفض الولايات المتحدة الامريكية تسليم الجيش الحر صواريخ “مان باد” المضادة للطيران واعترافه في حديث لصحيفة “عكاظ” السعودية في الوقت نفسه بان الجيش الحر تسلم مضادات للدبابات والدروع، ولكنه طالب في الوقت نفسه بعقد مؤتمر للمعارضة تتم فيه مناقشة القضايا الخلافية لحل الخلاف بين الاركان الجديدة بقيادة العميد عبد الاله البشير والواء سليم ادريس قائد الاركان السابق.
***
المعارضة السورية كانت تأمل ان تتسبب اتهاماتها للنظام باستخدام غازات سامة ضد بعض المدنيين في مناطق سورية عديدة، في حشد العالم الغربي الى جانبها على غرار ما حدث اثناء اتهامات مماثلة باستخدام النظام اسلحة كيماوية في الغوطة الشرقية قبل بضعة اشهر، ولكن هذه الآمال لم تتحقق، لان العالم الغربي مشغول بازمة اوكرانيا اولا، ولانه بات يتشكك بمصداقية هذه الاتهامات مثلما تبين من المقالة الطويلة الموثقة التي كتبها الصحافي الامريكي سيمون هيرش في صحيفة “لندن ريفيو اوف بوكس″ واتهم فيها تركيا بتزويد فصائل اسلامية متشددة لهذه الاسلحة الكيماوية، وان الادارة الامريكية تراجعت عن توجيه ضربات عسكرية لسورية بعد اضطلاعها على هذه الحقائق.
امريكا تعارض بشراسة تسليم المعارضة المسلحة لصواريخ مضادة للطائرات على عكس ما فعلت في افغانستان حيث زودت المجاهدين الافغان بصواريخ “ستينغر” الذين كانوا يقاتلون لاسقاط النظام الشيوعي وهزيمة وحلفائه السوفييت، فهي تدرك جيدا ان تسليم هذه الصواريخ يمكن ان يشل فاعلية الطيران الحربي السوري بأنواعه كافة، ويحسن موقف قواته المعارضة في ميادين الحرب، ولكنها تخشى ان تسقط هذه الصواريخ في ايدي الجماعات الاسلامية الجهادية وتستخدم بالتالي ضد طائرات مدنية وعسكرية اسرائيلية لاحقا.
افغانستان ليست مجاورة لاسرائيل، ولهذا لم تتردد واشنطن في تسليم صواريخ مضادة للطائرات السوفيتية الى المجاهدين، ورغم ذلك شقت هذه الصواريخ طريقها الى دولة قطر التي رفضت الادارة الامريكية في حينها بيعها لها، وعرضتها، اي دولة قطر، في عرض عسكري في منتصف الثمانينات كنوع من “المناكفة” للامريكان، الذين استشاطوا غضبا وطالبوا باستلامها فورا وكان لهم ما ارادوا.
المعارضة السورية جرى استخدامها كورقة ضغط من قبل حلفائها العرب والغربيين على حد سواء، ويبدو ان العمر الافتراضي لهذه الورقة بدأ يقترب من نهايته، ولعل تصريحات توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، وممثل المعسكر الغربي في الشرق الاوسط، التي قال فيها انه يجب التوصل الى اتفاق مع الرئيس الاسد، واقامة تحالف جديد مع روسيا لمواجهة التطرف الاصولي الاسلامي تؤكد مجددا “انقلاب” سلم الاولويات بالنسبة الى الغرب، بحيث تراجع هدف اسقاط النظام السوري الى الاسفل، بينما صعدت اولوية مواجهة الجماعات الاسلامية في سورية وغيرها من دول المنطقة (العراق، ليبيا، اليمن، مصر) الى قمة السلم.
***
عندما كانت الثورة السورية سلمية تطالب بالتغيير الديمقراطي قال السيد زهير سالم مسؤول العلاقات الخارجية في حركة الاخوان المسلمين في سورية عندما زارني في مكتبي قبل عامين ونصف العام تقريبا بصحبة السيد حاتم الراوي، ان حركة الاخوان، وهو شخصيا، يعارض تسليح الثورة السورية، ويصر على التمسك بابقائها ثورة مدنية، لان النظام السوري سيكون المستفيد الاول من عملية التسليح هذه، واكد ان حركة الاخوان تعلمت دروس مجزرة حماة عام 1982، واتفقت معه في هذا الرأي.
كلام السيد سالم يتحقق، ولو جزئيا، على الارض هذه الايام، عسكريا، وسياسيا، بعد ثلاثة اعوام من انطلاق الثورة السورية، سؤالي هو: اليس من المفروض ان يجلس عقلاء المعارضة السورية سويا لاجراء مراجعة شاملة لتجربة السنوات الثلاث الماضية، وممارسة النقد الذاتي، واعادة النظر في كل السياسات والخطوات السابقة، وفحص نقاط الضعف والقوة وبناء استراتيجيات جديدة على ضوء ذلك؟
ربما يكون سؤالنا هذا سابقا لاوانه ولكن نجد لزاما علينا طرحه نحن الذين نقف في خندق سورية الشعب والتاريخ والحضارة حقنا للدماء وتقليصا للخسائر المادية والبشرية فكل سوري عزيز علينا ايا كان موقعه وعقيدته.

غير معرف

About غير معرف

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write comments

شكرا

المتابعون


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.