قبل أيام من موعد انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، الذي حرك عجلته الهجوم الكيميائي المفترض في الغوطة الشرقية في 21 آب العام 2013 في اطار التفاهم الروسي الاميركي الذي افضى الى تجنب خيار الحرب على سوريا بعدما قررت الادارة الاميركية سريعاً ان الجيش السوري هو المسؤول عن الجريمة الكيميائية، صدر تقرير عن «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» يطرح شكوكاً قوية بالاتهامات الاميركية حول ضلوع الجيش السوري بالهجوم.
ويشكك تقرير «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» بالمزاعم التي تبنتها أجهزة الاستخبارات الأميركية بشأن الهجوم الكيميائي المفترض والتي قالت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما إنها تستند اليها لتبرير خيار الحرب.
ويشكك تقرير «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» بالمزاعم التي تبنتها أجهزة الاستخبارات الأميركية بشأن الهجوم الكيميائي المفترض والتي قالت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما إنها تستند اليها لتبرير خيار الحرب.
وكاد أوباما أن يكرر ما فعله الرئيس السابق جورج بوش في ما يتعلق بحربه على العراق. ففي الصيف الماضي، هدد اوباما بشن هجمات صاروخية مدمرة على سوريا، بسبب ادّعاءات بأن القوات السورية «استخدمت الأسلحة الكيميائية وتجاوزت الخط الأحمر»، الذي وضعه أوباما نفسه في شهر آب من العام 2012، ولكنه تراجع لاحقاً بعد الاتفاق مع الروس.
وتوصل فريق من خبراء الأمن والأسلحة، خلال اجتماع هذا الأسبوع في واشنطن، الى خلاصات بأن مجموعة الصواريخ التي أطلقت من المكان المزعوم في قاسيون، مركز الحرس الجمهوري، على مكان الهجوم في الغوطة والتي كانت تحمل في رؤوسها غاز «السارين»، كان مداها قصيراً للغاية، ما يدحض تماماً ادّعاءات الإدارة الأميركية بأنها أطلقت من مواقع الجيش السوري.
الدراسة الجديدة تشير إلى تلاعب في تقييم الاستخبارات الأميركية لهجوم الغوطة الكيميائي، حيث تقول إن تصميم الصواريخ التي استخدمت في الهجوم، وحمولتها ومساراتها المرجحة، تظهر أنه كان من المستحيل على الصاروخ أن يطلق من داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
ويقول التقرير المشترك، الذي اعتمد على حسابات وسرعة وقوة دفع الصواريخ المستخدمة في الهجوم، ودقق في العينات المأخوذة من الموقع، الذي أعده الدكتور ثيودور بوستول من «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا»، ومفتش الأسلحة السابق في الأمم المتحدة ريتشارد لويد، إن مدى الصواريخ الحاملة لغاز «السارين» التي استعملت في الغوطة الشرقية في دمشق تدل على أن هذه الذخائر لا يمكن أن تكون قد أطلقت من قبل القوات النظامية.
ويشير التقرير الذي جاء بعنوان «النتائج الممكنة لأخطاء المعلومات الاستخبارية الأميركية»، إلى أنه خلال الهجوم بالغاز في دمشق في 21 آب 2013 في الغوطة، تم استعمال «ذخائر كيميائية من دون إعداد مسبق»، وأن مدى الصواريخ التي وضع غاز «السارين» في رؤوسها يصل، بحسب التقرير، إلى «قرابة كيلومترين»، وهو ما يبدد نظرية استخدام الجيش السوري لهذه الصواريخ، وبهذا الشكل فإنه في حال استعملت القوات المسلحة السورية هذه الصواريخ، لما أصابت الهدف.
ويؤكد التقرير أن «التقييم المستقل لمدى هذه الذخائر الكيميائية من قبل الأمم المتحدة تتطابق مع استنتاجاتنا»، مشيراً إلى أن «هذا يعني أن هذه الذخائر لا يمكن أن تكون قد أطلقت من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية باتجاه الغوطة الشرقية»، وأن «صواريخ السارين التي تم العثور عليها في الغوطة الشرقية لم تتطابق مع السلاح الكيميائي الموجود لدى الحكومة السورية الذي تم تسليمه إلى منظمة حظر السلاح الكيميائي».
ويضيف التقرير المفصل، أن المناطق التي كانت تحت سيطرة القوات السورية آنذاك، تقع على مسافة أبعد من كيلومترين عن الأحياء التي تعرضت للقصف، مؤكداً أنه «مهما كانت أسباب هذه التقييمات المغلوطة الصارخة» في استنتاجات الاستخبارات الأميركية، فإنه «يتوجب على الإدارة الأميركية أن تشرح ملابسات ذلك أمام الشعب الأميركي»، خصوصاً أن الولايات المتحدة كادت أن تخوض حرباً جديدة في الشرق الأوسط تحت ادّعاءات استخبارية خاطئة.
واستناداً إلى خريطة صادرة عن البيت الأبيض، التي تظهر المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش والأخرى الخاضعة لسيطرة المسلحين، حاول بوستول ولويد تأكيد وجهة نظرهما، حيث خلصا إلى أن جميع نقاط الانطلاق المرجحة هي في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون أو المناطق التي كانت محل نزاع. أما المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري فهي على بعد كيلومترات عدة من مناطق الإطلاق الممكنة.
ويقول التقرير بشكل لا يدع مجالاً للشك إن «المعلومات التي طرحت أمام الشعب الأميركي في 30 آب العام 2013، وأمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في الثالث من أيلول العام 2013، كانت خاطئة ومضللة ولا بد من شرح ذلك أمام الشعب».
ويقول بوستول «عندما بدأت بالعمل على التقرير، كانت وجهة نظري أنه لا يمكن إلا أن تكون الحكومة السورية وراء الهجوم. ولكن الآن لست متأكداً من أي شيء. سرد الإدارة ليس قريباً من الواقع مطلقاً. والمعلومات الاستخبارية لا يمكن أن تكون صحيحة».
لويد، الذي أمضى نصف العام الماضي، في دراسة الأسلحة والقدرات في الصراع السوري، نفى نظرية أن المسلحين هم أقل قدرة على صنع الصواريخ من الجيش السوري. وأضاف أن «المسلحين السوريين لديهم بالتأكيد القدرة على تصنيع هذه الأسلحة. أعتقد أن لديهم هذه القدرة أكثر من الحكومة السورية».
وأشار الباحثان أيضاً، إلى أن إصرار وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أن صور الأقمار الاصطناعية الأميركية أثبتت وحددت نقاط الهجوم، من غير المرجح أن يكون صحيحاً. وقالا إن انفجار السلاح الكيميائي عادة ما يكون صغيراً جداً، ولا يمكن أن يكون مرئياً في صورة الأقمار الصناعية.
وأثار التقرير تساؤلات عما إذا كانت إدارة أوباما تسيء استخدام معلومات الاستخبارات بطريقة مماثلة لإدارة بوش، في الفترة التي سبقت غزو العراق. وأصر المسؤولون الأميركيون حينها على أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان يمتلك برنامجاً نشطاً لتطوير أسلحة الدمار الشامل. وأثبتت عمليات التفتيش اللاحقة أنه لا يوجد مثل هذا البرنامج أو الأسلحة.
وهنا يقول بوستول «على ماذا بالضبط، ننفق كل هذه الأموال لمعلومات الاستخبارات؟».
ويشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمره الصحافي، يوم الجمعة 23 آب الماضي، أكد أن «القوات السورية هي الوحيدة القادرة على إطلاق هذه الصواريخ»، وهو ما يرفضه التقرير بشكل قاطع، كما يفند الادّعاء الاستخباراتي بأن الجيش السوري هو وحده القادر على تصنيع الذخائر المحشوة بمواد سامة، موضحاً أن تصنيع السلاح الكيميائي بشكل يدوي يمكن أن يقوم به «أي شخص يملك ورشة ميكانيكية ذات إمكانيات متواضعة».
ويعتبر التقرير «أكبر تحد لادّعاءات إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن استخدام القوات النظامية السورية للصواريخ التي أطلقت على حي الغوطة الشرقية في ذلك اليوم، وهو ما يستوجب التوضيح النظيف من الإدارة» بحسب بوستول.
_________
السفير
ليست هناك تعليقات:
Write commentsشكرا