‏إظهار الرسائل ذات التسميات تركيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تركيا. إظهار كافة الرسائل

10 أكتوبر 2012

أنقرة «إلى الوراء در»

    10/10/2012 03:36:00 م   No comments

سميح إدز

أدرك رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته، أحمد داود أوغلو، أن الأزمة السورية خرجت عن المسار الذي أراداه لها، وأنها تتجه الى طريق يخرج عن عقالهما. فرئيس الوزراء الذي قال في بداية الأزمة السورية انها ملف داخلي تركي، ووزير خارجيته الذي أعلن أن لا أحد يسعه أن يخطو خطوة صغيرة أو كبيرة في الشرق الأوسط من غير إذن تركيا، كلاهما دفع بتركيا الى حافة الحرب مع سورية. وترشح هذه السياسات «حزب العدالة والتنمية» الى نيل شرف زج تركيا في حرب مع دولة جارة، على رغم أن التصريحات الأخيرة وما بين سطورها تشير إلى أن أنقرة لا تفكر في نيل هذا الشرف الآن.

 وعلى قدر ما تميط اللثام تصريحات من نوع «سنرد بالمثل على كل هجوم أو اعتداء» عن عجز الحكومة ازاء الملف السوري، يتعاظم المأزق السياسي الذي انزلقت اليه يوماً بعد يوم. فالظروف، أي تعاظم وتيرة الهجمات الارهابية ضد الجيش التركي من جهة، وتفاقم مشكلة اللاجئين السوريين على الحدود وفي الداخل التركي، من جهة أخرى، وتحوّل تركيا قاعدة لوجستية اقليمية للتيارات المتطرفة والإرهاب الديني، كل هذه الظروف تجعل الخيارات السياسية المتبقية أمام أنقرة قليلة. وتقهقرت مكانة أنقرة في الملف السوري من لاعب وازن ومؤثر في مسار الحوادث الى دولة لا يسعها سوى الدفاع عن مصالحها القومية وأمنها من تداعيات الأزمة السورية.

لذا، بدأت أنقرة تغير سياستها، وتخطو خطوات الى وراء من غير ضوضاء. وانتهجت سياسة أكثر تشدداً في التعامل مع اللاجئين السوريين والنازحين، ولم تعد أنقرة تشرّع الأبواب أمام الجميع، وبدأت تحدد أماكن بعيدة من الحدود لاستيعابهم (اللاجئين)، وباشرت الشرطة وقوات الأمن التركية رصد السوريين المقيمين خارج المخيمات، وصارت تلزمهم استخراج اقامات وتحديد أماكن إقامتهم، وقد تعيدهم الى المخيمات. وبدأت تشدد القبضة الأمنية في محافظة هاتاي الحدودية التي ارتقت قاطبة استخبارات العالم، وصارت الاستخبارات التركية تضيّق الخناق على منافسيها هناك. وتلى هذه الخطوات الضغط على قيادة «الجيش السوري الحر» لترك الأراضي التركية والعودة إلى سورية. وتصريحات هؤلاء القادة تظهر أن علاقتهم بأنقرة بدأت تتغير. وسواء أعجبنا الامر أم لا: أثبتت الوقائع إخفاق المجلس الوطني السوري الذي أنشئ في إسطنبول، فهو غير قادر على الحل أو الربط. ويرى المواطن التركي أن المجلس فشل، وتحوّل أداة حرب طائفية هدفها الانتقام من الأسد عوض إرساء دولة ديموقراطية.

أبرز خطوات تراجع أنقرة هو تصريح وزير الخارجية قبل يومين عبر التلفزيون الرسمي بأنه يقترح تولي فاروق الشرع قيادة سورية في المرحلة الانتقالية. ولا بد أن ندرك أن الشرع هو «أهون الشرور» بالنسبة إلى تركيا. وقد يستسيغ «حزب العدالة والتنمية» الشرع لأنه من السنَّة، لكن مبادرة أنقرة الى هذا الاقتراح مؤشر الى أن ثمة اتفاقاً ضمنياً مع واشنطن عليه. والحزب التركي الحاكم لم ينسَ أن الشرع هو من أقوى قيادات «البعث» وأخلصها لأيديولوجيته القومية، واقتراح أنقرة اسمه لم يكن يسيراً عليها، لكنه ربما أحد الدروس التي خلص إليها وزير خارجيتنا الذي يفترض به العودة الى السياسات الواقعية وترك الأحلام السياسية عند تناول احوال الشرق الأوسط.

* صحافي ومحلّل، عن «مللييت»

7 أكتوبر 2012

معركة الفرقان في حلب : تحرير المدينة أم تدمير سوريا؟!

    10/07/2012 12:36:00 م   No comments
محمد حيان السمان

وقف رجل حلبيّ أربعيني أمام أنقاض منزله, مشيراً إلى جثة أخيه التي مزقتها قذيفة طائشة, وهو يصرخ غاضباً : ألله عَ الظالم…ألله عَ الظالم…لا أعرف من هو الظالم: الجيش الحر هو الظالم, أو بشار الأسد هو الظالم …لا أعرف ّ! بَسْ ألله عَ الظالم ..!
يكثف هذا الحلبيّ المكلوم مأساة مدينة حلب كلها, وهي واحدة من أجمل وأعرق مدن الشرق على الإطلاق, وجدت نفسها منذ تموز الماضي, وبشكل قسريّ ومفاجئ, في قلب معركة مدمّرة و وحشية وبدون أفق, ومن دون أن يؤخذ رأيها أو تتبين في كل هذا الجنون مصلحتها كمدينة وكشعب وكحضارة زاخرة بالتنوع والأصالة والإبداع.
إن الغموض ما يزال يكتنف الدوافع الحقيقية والأهداف الملموسة لدخول الجيش الحر إلى حلب في 20 تموز الماضي. حتى أن البيان الذي تلاه العقيد (عبد الجبار العكيدي) قائد المجلس العسكري للجيش الحر في حلب, بعد يومين من بدء المعارك في المدينة, وأعلن فيه ” بدءَ تحرير حلب الشهباء من أيدي عصابة الأسد الملوثة بالجرائم المنكرة…الخ..”؛ يخلو – هذا البيان – من أي إشارة إلى الأسباب الدافعة, أو الأهداف الجاذبة لهذه الخطوة الكبيرة والخطيرة جداً على جميع الصّعُد. إن الحديث عن – تحرير المدينة – و – السيطرة عليها – و – المنطقة العازلة -…الخ , يظل غامضاً ومقلقاً عندما يؤخذ في سياق الأحداث وموازين القوى عسكرياً وسياسياً, والإمكانات المتاحة للجيش الحر, والمواقف الإقليمية والدولية المعلنة والخفية, بشكل عام. وبشكل خاص عندما يتذكر المرء أي نظام تواجه الثورة السورية, وماذا فعل جيش النظام وشبيحته في بابا عمرو قبل أشهر, وفي دمشق وريفها قبل أسابيع, وفي حماه قبل ثلاثين عاماً.

حتى الآن, وبعد مضي أكثر من شهرين على بدء معركة حلب, وقد بدأت تظهر نذر التشاؤم والإحباط في صفوف الجيش الحر من تداعيات هذه المعركة؛ فإن أحداً في المعارضة السورية – بجناحيها العسكري والسياسي – لم يقدّم لجمهور الثورة, وبخاصة للحلبيين – الوقود المباشر لهذه المعركة, والضحايا المدنيين الأكثر تضرراً ونكبة – ما يمكن اعتباره رؤيا محددة واضحة ومتكاملة ومقنعة, تبرر تلك الخطوة التي أقدم عليها الجيش الحر في شمال سوريا, وتبيّن وجاهة الأسباب التي دفعت إليها, وأهمية النتائج العسكرية والسياسية المحتملة والمعوّل عليها في نهاية الأمر.
لقد جرى الحديث عن الأهمية الاقتصادية لحلب, مما يجعل السيطرة عليها من قبل الجيش الحر عامل ضغط على النظام وإضعاف لقدرته على مواجهة الثورة. لكن هذا التصور يتجاهل حقيقة أن النظام استطاع تأمين موارده الخاصة وإمداداته الضرورية للبقاء وتشغيل آلته القمعية طوال أشهر الثورة, بمعزل عن الأوضاع الاقتصادية السورية المتردية باستمرار في حلب أو غيرها. ومع الاعتراف بأهمية حلب في دعم ما أسماه جمال باروت – رأسمالية الحبايب والقرايب –, وكونها المجال البشري الأوسع والأسطع لاشتغال ( نمط التنمية التسلطي) الذي اعتاش وأثرى أركان النظام عليه في السنوات الأخيرة؛ إلا أنه من الخطأ المبالغة في تأثيرها الاقتصادي على النظام, إلى درجة اعتبار سقوطها بيد الجيش الحر سقوطاً للنظام, على ما صرح السيد ( عبد القادر صالح) قائد لواء التوحيد في حلب. إن هذا الربط الميكانيكي المفتقر إلى تحديدات وتدقيقات عديدة, بين سقوط حلب بيد المعارضة, وبين سقوط النظام, أمر خطير جداً, وتبين فيما بعد أنه مكلف على الأرض بالنسبة لسوريا و للثورة ومكونها العسكري والمدني, أكثر مما هو كذلك بالنسبة للنظام.

المتابعون


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.