5 يناير 2016

هل هناك آية تأمر بقطع الرأس؟

    1/05/2016 05:41:00 ص   No comments

 علي الديري

سألتني الصديقة الصحافية رشا أبي حيدر بعد ساعات من إعدام الشيخ النمر، بت أشك في القرآن، أريد أن أعرف هل هناك آية تأمر بقطع الرأس؟ قلت لها لا، لكن الأمر لا يحتاج إلى آية، أن يُعدم النمر بقطع الرأس أو رمياً بالرصاص، يحتاج ليس إلى الآية بل يحتاج إلى هيئة كبار العلماء يقولون كما جاء في بيان وزارة الداخلية السعودية «إن هذه البلاد التي اتخذت من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- منذ قيامها دستوراً ومنهاجاً لها، لن تتوانى عن ردع كل من يهدد أمنها».

ليس هناك دستور لا عقدي ولا منحة ولا أي شكل من أشكال المنظومات القانونية الحديثة، لذلك لم نجد في بيان الداخلية أي إشارة لمادة قانونية أو وثيقة. هناك شريعة مترعة بالشيء ونقيضه، تغرف منها هيئة كبار العلماء الشرعية وتُكيّفه وفق ما يريد ولي الأمر.
ما الشرعية التي تستند إليها «هيئة كبار العلماء السعودية»؟

هيئة كبار العلماء هي هيئة دينية حكومية تأسست عام 1971 وتضم لجنة محدودة من الشخصيات الدينية، يعيّنون بأمر ملكي، ورئيسها هو مفتي الديار السعودية، ولا تزال الرئاسة وقفاً على ذرية محمد بن عبد الوهاب، كما المُلك وقف على ذرية بن سعود. هناك مرويات أنتجتها سلطات سياسية طوال تاريخنا المبتلى بالقتل والدم، سلطات تعد نفسها المتحدثة باسم الجماعة والأمر والأمة ومعارضتها تفريق للجماعة وعاقبتها دوماً السيف والرقبة، باسم هذه الشرعية تتحدث «هيئة كبار العلماء السعودية» هكذا: «من فارق الجماعة شبراً فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه» هكذا تشرعن لأي معارضة ضدها فتصفها بأنها خلع لربقة الإسلام «عقد الإسلام»، وكي تحافظ على ربقة الإسلام وبيضته، فليس هناك غير سيف ولي الأمر «فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسيف كائناً من كان».
ما يهدد استفراد «ولي الأمر» بالسلطة يفسر بأنه خروج على «التوحيد» و«خلع لربقة الإسلام». لقد وضع التوحيد كآلية ضبط سياسي ضد رقاب القبائل والجماعات غير المنضبطة ضمن أمر السلطة، وبهذا الضبط جرىإخضاع الجزيرة العربية.

أسس محمد بن عبد الوهاب هذه الشرعية، شرعية التوحيد المتوحش، القائم على حد سيف آل سعود وصيغة عقائدية سلفية ضيقة. وغدت هذه الشرعية منهج عمل منذ لحظة تحول اتفاق الدرعية إلى وثيقة سياسية، في رسائله إلى القبائل والمناطق. كانت الدعوة إلى الإسلام تجري باسم هذه الشرعية، على سبيل المثال رسالته إلى قاضي الشافعية، مرجع الشافعية وقاضيهم في الأحساء، الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف الأحسائي (1689-1751): «لا أبعد أن يهديك الله إلى الصراط المستقيم، ويشرح قلبك للإسلام». وردت هذه الرسالة في كتاب أول مؤرخ لحركة الوهابية والدولة السعودية الأولى حسين بن غنام (ص252)، والكتاب مرجع تعتمده الدولة السعودية، وعنوانه («روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعدد غزوات ذوي الإسلام») يعطي فكرة قاطعة لهذه الشرعية. الحال هو حال الإمام محمد بن عبدالوهاب وأفكاره عن التوحيد، و«غزوات ذوي الإسلام» هي معارك جيش الدولة السعودية، فالتاريخ مكتوب من زاوية هذه الشرعية، جيش الدرعية هو جيش المسلمين، وبقية القبائل السنية (غالباً) التي يقاتلها جيش المسلمين في نجد وخارج نجد لاحقاً، هم الكفار.
مفردات معجم تاريخ ابن غنام، هي: جيش المسلمين، الغزو، الغنائم، السبايا، الشرك التوحيد، الكفر، الفتح. وهو المعجم التكفيري الذي ما زال فاعلاً في خطاب الدولة وخطاب الجماعات التي تمثلها أو التي ولدت من صلبها.
إن وفاء آل سعود لميثاق الدرعية (1744) يجد ترجمته في العمل بهذه الشرعية، وقد عملت السعودية بإعدامها للشيخ النمر، بأصلها الذي قامت عليه. ظلت وفية لهذا الأصل لا تنفك منه، تجد شرعيتها فيه وأمنها وأمانها بالتمسك به، إنه التوحيد الوهابي المتوحش. سكّه لها محمد عبد الوهاب في كتابه «التوحيد» وكأنه عملتها التي يقوم عليها اقتصادها في كسب ولاءات الجماعات. لقد قلت الاقتصاد وفي ذهني كتاب «الاقتصاد في الاعتقاد» وهو أشهر كتب العقيدة في تراثنا، العقيدة التي سكتها من قبل الدولة السلجوقية وحدّدت به أعداءها العقائديين والسياسيين. اقتصاد الدولة السعودية يقوم على عملة هذا التوحيد ووجه هذه العملة الثاني هو التكفير، وكان محمد بن عبد الوهاب يرسل رسائله عبر بريد الدولة السعودية الأولى: أدعوكم أن يشرح الله قلبكم لإسلام هذا التوحيد الذي فتحه الله علي. وما زال هذا البريد يرسل دعاته في كل مكان في العالم ليؤسسوا «روضة الأفكار والأفهام الوهابية».
_______________________ 
الوهابية وجرائمها بحق المسلمين السنة *

النبش في التاريخ قد يمّكننا من فهم العقلية السعودية، إلا أنه حتماً لن يخدم السعودية التي تريد حمل لواء "السنة" لتقول إن عدوكم هو "الشيعة" لا أي جهة أخرى، مهما استعبدكم واحتلكم الآخرون!

314 "غزوة" أعملت سيوفها برقاب المسلمين، والسنة منهم أكثر من الشيعة، ارتُكبت مع نشأة ما يُسمى بـ "الدولة السعودية الأولى". ما يوثقه مؤرخو الوهابية أنفسهم يفضح التاريخ الإجرامي للدعوة التي قامت بسيف محمد ابن سعود وفكر محمد بن عبد الوهاب.

في تسجيل على اليوتيوب، تحدث المعارض السعودي والمفكر الاسلامي محمد المسعري (الوهابي سابقا)عن الكتب التي تطبعها المملكة السعودية، والتي توثق لبدايات الدعوة الوهابية. يتوقف المسعري عندما يتناوله كتاب المؤرخ السعودي إبن غنام، الذي عاصر نشأة "الدولة السعودية الأولى"، بعد الصفقة التي عُقدت بين ابن سعود وابن عبدالوهاب.

يقول المسعري: "عندما اطلعنا على كتب إبن غنام أمسكنا رؤوسنا، مذابح شاملة! دخلوا "سيهات" على "المشركين" وقتلوا 1500 رجل وإمرأة وطفل ". وأوضح أن سيهات لا يقطنها الشيعة بل هي بلدة مختلطة فيها من السنة والشيعة الذين أبيدوا بالكامل بسيوف الوهابية.

قارئ كتاب ابن غنام وغيره من مؤرخي السعودية، الذين يُعاد طباعة كتبهم من قبل "دارة الملك عبدالعزيز في المملكة" كل فترة، لن يجهد قبل أن يدرك أن عبارة "مشركين" قُصد بها كل سكان الجزيرة العربية ممن لم يتبعوا دعوة محمد بن عبدالوهاب، وأن عبارة "مسلمين" استخدمت للإشارة إلى أتباعه حصراً.

يقول ابن غنام في كتابه: "و قد غزا المسلمون (الوهابيون) ثرمدا (شمالي الرياض) مرة ثانية... ولم يقع قتال إذ لم يخرج من أهل المدينة أحد لقتالهم.. فدمر المسلمون المزارع و انقلبوا راجعين".

عدم وقوع المعركة بين الغزاة الوهابيين وأهل البلدة من المسلمين الآمنين، لم يحل دون تدميرهذه البلدة . أي موجب لغزو المسلمين وتدمير مزارعهم؟ الإجابة يحملها فكر ابن عبدالوهاب الذي كان يعتبر أنَّ جميع أهل نجد من دون استثناء "كفرة تباح دماؤهم ونساؤهم وممتلكاتهم"، والمسلم فقط هو من آمن بالسنة التي وضعها هو.

ويتابع المؤرخ السعودي في نقله لرسائل محمد بن عبد الوهاب .يقول: "إن عثمان بن معمَّر - حاكم بلد العيينة - مشركٌ كافر ، فلما تحقق المسلمون من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة ، وقتلناه وهو في مصلاه بالمسجد في رجب 1163 هـ".

أفتى شيخ الوهابية الأكبر بكفر حاكم مسلم، وتم قتله في "مصلاه" بإسم الدعوة إلى الدين. هكذا أطلقت الوهابية عنان التكفير، وشرعت لقتل المسلمين في بيوت الله، ومنذ نشاتها الأولى لم تفرق الوهابية بين مسلم وآخر، فكل من هو خارج دائرة الوهابية: كافر مشرك ولو نطق بلا اله إلا الله!  سنة سنها شيخهم الأكبر وباتت ممارسة يومية لجماعات التكفير، الذين يجدون ما يُشرعن أفعالهم في كتب التاريخ السعودية.

مؤرخ سعودي آخر هو عثمان ابن بشر يتحدث عن قتال جيش الوهابيين للمسلمين السنة فيقول: "فكرُّوا على أهل القصيم كرة واحدة،( اي هاجموا) فغابت الشمس قبل وقت غيوبها، وأظلم بحالك الغبار شمالها وجنوبها، فوطأهم المسلمون (الوهابيون) وطأة شديدة، فلما سمعوا ضرب الهمام ولوا منهزمين، وعلى جباههم هاربين، وذهل الوالد منهم ولده، والمنهزم أشفق على السلامة ورمى ما بيده، واستمر الضرب في أقفيتهم بعدما كان في صدورهم، وانتقل الطعن من نحورهم إلى ظهورهم، وقتل المسلمون (الوهابيون) فيهم قتلاً ذريعا، وفتكوا فيهم فتكاً شنيعا، فكان الواحد من المسلمين يقتل العشرين"!

هكذا وباسم الوهابية و"التوحيد" الذي صاغ مفاهيمه ابن عبد الوهاب، كفر السعوديون من أتباع ابن سعود وابن عبدالوهاب المسلمين عامة.

وعودة إلى التاريخ الحديث نوعاً ما: باسم الإسلام حاربت السعودية القومية العربية. يذكر كتاب " زمن الصحوة..الحركات الإسلامية المعاصرة في السعودية" للكاتب الفرنسي ستيفان لاكروا ، كيف أن السعودية استخدمت الدعاة "الإسلاميين" للتصدي لنفوذ جمال عبدالناصر المتصاعد في المنطقة، رداً على إذاعة "صوت العرب" التي انطلق بثها في عهد عبدالناصر، أطلقت السعودية إذاعة "صوت الإسلام"، ومقابل الإصلاحات التي باشر بها الرئيس المصري آنذاك في الأزهر الشريف، أنشأت المملكة الجامعة الإسلامية لتصدر التكفير وتختصر "الحالة الاسلامية".

مما تقدم يتضح أن آل سعود وعلى مر التاريخ يستخدمون الاسلوب ذاته لحماية ملكهم وسلطانهم ولاخضاع المسلمين تحت سلطانهم ولملكهم حتى باتوا يتعاملون مع الناس باعتبارهم أرقاماً وحاشية يُفرض عليهم واجب الطاعة، وإلا فدمهم مباح.

 ..............

إسراء*
 

RS

About RS

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write comments

شكرا

المتابعون


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.