6 أغسطس 2022

محور موسكو - طهران: تحالف بلا التزامات صارمة

    8/06/2022 08:29:00 ص   No comments

بقلم نيكيتا سماجين *


 تجد روسيا وإيران المزيد والمزيد من نقاط الالتقاء في كلٍ من السياسة الخارجية والمجالات الاقتصادية. وليس من قبيل المصادفة أن هذا العام غير مسبوق من حيث تواتر الزيارات على أعلى المستويات بين مسؤولي البلدين. وكان آخر حدث في هذا الاتجاه هو زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران للمشاركة في قمة قادة روسيا وتركيا وإيران بشأن سوريا.

ويُظهر تطور العلاقات مع الجمهورية الإسلامية، فضلاً عن استمرار عمل صيغة أستانة، استخدام موسكو المتزايد لنموذج السياسة الخارجية البراغماتي الذي يمكن لأي دولة غير غربية أن تكون شريكاً فيه، على الرغم من التناقضات المحتملة وعدم التطابق في بعض المواقف.


على خلفية زيارة بايدن


جاءت قمة أستانة وزيارة بوتين لطهران مباشرة بعد الجولة الشرق أوسطية التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن. محاولات العديد من المعلقين إظهار زيارة الزعيم الروسي إلى إيران كنوع من الرد على مبادرة الزعيم الأميركي ليس لها أي أساس حقيقي غالباً. ومع ذلك، إن رحلة بايدن تضع الاجتماع الثلاثي في العاصمة الإيرانية في سياق أوسع.


الشرق الأوسط هو منطقة ذات خصوصية، حيث الوجود الروسي والأميركي مؤثر. في الوقت نفسه، فإن ديناميكيات هذا الوجود متعارضة تماماً مع بعضها البعض، فإذا كانت واشنطن تنسحب تدريجياً من المنطقة، وأهمية الشرق الأوسط تتراجع بالنسبة إلى البيت الأبيض، فإن موسكو، على العكس من ذلك، تنجذب بشكل متزايد إلى الأحداث الجارية فيه.


ويوجد اختلاف أيضاً في المنهجية، فقد اعتاد الجانب الأميركي إيجاد حلفاء في المنطقة ينفذون السياسة الأميركية، وتحديد "مثيري الشغب" الرئيسيين، الذين يسعى لاحتوائهم وعزلهم. بالنسبة إلى روسيا، ليس لها أصدقاء ولا أعداء. على مدى العقد الماضي، كانت موسكو تحاول أن تعمل كوسيط يتمتع بعلاقات جيدة مع جميع القوى الرئيسية في الشرق الأوسط.


على خلفية الأحداث الجارية في أوكرانيا، تسعى الولايات المتحدة لتحويل روسيا إلى دولة منبوذة دولياً. بالنسبة إلى موسكو، يُعتبر الشرق الأوسط أحد السبل للالتفاف الجزئي على العقوبات. لذا، كانت المهمة المنطقية لواشنطن هي عزل الجانب الروسي في هذه المنطقة. وعلى الرغم من وجود قائمة قوية من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة ورد فعل غير متحمس من دول الشرق الأوسط على العملية الخاصة في أوكرانيا، فإن هذا الأمر ليس سهلاً.


هناك قلة من الناس في الشرق الأوسط يريدون الاختيار بين موسكو وواشنطن، وتبقى روسيا لاعباً مهماً في الشرق الأوسط لا يستهان به، ولديها أيضاً مجموعة متكاملة من المصالح مع جميع دول المنطقة تقريباً، بما في ذلك الشركاء الأميركيون.


على سبيل المثال، لدى تركيا -العضو في الناتو- خلافات جدية مع الاتحاد الروسي بشأن سوريا وليبيا وجنوب القوقاز، كما أنها لم تعارض تصرفات موسكو في أوكرانيا فحسب، بل ساعدت الجانب الأوكراني أيضاً، من خلال توفير أسلحة عالية التقنية. في الوقت نفسه، فإن أنقرة، مثل موسكو، منزعجة من النظام الذي أنشأته الولايات المتحدة في المناطق المجاورة لتركيا، بما في ذلك الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط.


لا يجب أن ننسى حجم العلاقات التجارية بين تركيا وروسيا: عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري نحو 33 مليار دولار. وبحلول نهاية عام 2022، يمكن أن يصل إلى أرقام أعلى. من الواضح، في ظل هذا الوضع، أن أنقرة ستواصل الحوار مع موسكو حول سوريا وغيرها من القضايا.


ويلاحظ وضع مماثل إلى حد ما فيما يتعلق بالدول العربية في الخليج، إذ لم تنضم أي من هذه الدول إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، وأصبحت الإمارات مركزاً لرؤوس الأموال الروسية. كما أوضح محمد بن سلمان أن الاتفاقيات مع أوبك +، حيث روسيا أحد اللاعبين الرئيسيين، فوق مصالح الولايات المتحدة، على الرغم من زيارة بايدن للسعودية.


كذلك، يرفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عزل موسكو. وفي السنوات الأخيرة، كانت القاهرة واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة الروسية. إضافة إلى ذلك، فإن مصر، إلى جانب الإمارات، تتعاون مع روسيا بشأن ليبيا.


أخيراً، يجب ألا ننسى شريكاً أميركياً آخر هو "إسرائيل". على الرغم من بعض الخلافات مع موسكو، لا تزال اسرائيل مستعدة للتعاون مع الجانب الروسي لمواصلة سياستها لاحتواء التهديد الإيراني في سوريا. بمعنى آخر، جميع اللاعبين المذكورين أعلاه لديهم أسباب كافية للابتعاد عن النهج الثنائي الذي تفرضه عليهم واشنطن: إما أن تكون مع الولايات المتحدة وإما مع روسيا.


التوجه نحو إيران


على خلفية انهيار العلاقات مع الغرب فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، تعمل السياسة الخارجية الروسية تجاه إيران في اتجاه تعلق عليه آمالاً معينة. نتيجة لرحلة بوتين إلى إيران، لم يتم الإبلاغ عن قرارات انفراج سريع. ومع ذلك، وفي يوم القمة، ظهرت عدة أنباء إيجابية عن الزيارة الإيرانية، فقد أطلقت بورصة طهران للعملات التداول على ثنائية الريال/الروبل، إضافةً إلى شيء مهم آخر، وهو توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط الوطنية الإيرانية وغازبروم، تتضمن استثمارات في القطاع الإيراني يبلغ مجموعها نحو 40 مليار دولار.


وبعد وقت قصير من زيارة الرئيس الروسي، صدر قرار بزيادة عدد الرحلات الجوية بين روسيا والجمهورية الإسلامية إلى 35 رحلة أسبوعياً، والتحضير لاتفاق بشأن توريد قطع غيار الطائرات الإيرانية وصيانة الطائرات، وخطط الجانب الروسي لتخصيص 1.5 مليار دولار لتطوير مشاريع السكك الحديدية في إيران.


يجب القول إنه لن يتم بالضرورة تنفيذ كل هذه المبادرات بنجاح. بادئ ذي بدء، في حالة معظم ما سبق، لم يتم تحديد المنظور الزمني، وربما لن يتمكن الجميع من الوصول إلى التنفيذ الفعلي. في حالات أخرى، على سبيل المثال توريد قطع غيار الطائرات، لا يمكننا التحدث إلا عن مجموعة محدودة من المنتجات. لقد مرت صناعة الطيران الإيرانية بأوقات عصيبة لسنوات عديدة، لأنها تخضع للعقوبات. بالطبع، تعلم الإيرانيون أن يفعلوا الأشياء بأنفسهم، لكنهم في الغالب يستوردون أجزاء من الطائرات عبر دول ثالثة أو يستخدمون طائرات قديمة مقيدة بالسلاسل على الأرض للتحليل.


ومع ذلك، قد تكون بعض المشاريع ناجحة للغاية. ويوجد هنا قطاع واضح لمجالات التعاون بين البلدين، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد من الجانب الروسي بالجمهورية الإسلامية. إضافة إلى ذلك، تأخذ بعض مجالات التعاون السابقة زخماً جديداً، وبالتالي، فإن تصدير المنتجات الزراعية الروسية على خلفية مشاكل الغذاء العالمية يكاد يكون جانباً رئيسياً من جوانب الأمن الغذائي لإيران. في الوقت نفسه، يهدد ممر العبور بين الشمال والجنوب، والذي كان في وضع الاختبار في السنوات الأخيرة، بأن يصبح طريق التصدير الرئيسي تقريباً للمنتجات من روسيا.


يمكن أيضاً رؤية نوع من التقارب على مستوى السياسة الخارجية. من بين جميع دول الشرق الأوسط، كانت مواقف طهران من الأحداث في أوكرانيا أكثر ردود الفعل المقبولة لموسكو. أكد السيد علي الخامنئي خلال اللقاء مع بوتين في طهران أن حلف شمال الأطلسي سيبدأ حرباً مع روسيا بذريعة شبه جزيرة القرم، إذا لم يتم إيقافها في أوكرانيا.


يمكن رؤية بعض التغييرات أيضاً في سوريا، حيث أصبح الرد الروسي أكثر حدة تجاه الممارسات الإسرائيلية. أخيراً، كانت الفكرة المهيمنة للقمة الثلاثية في العاصمة الإيرانية محاولة من جانب طهران وموسكو لإقناع أنقرة بالتخلي عن العمليات العسكرية على الأراضي السورية.


مهما كان الأمر، فإن التقارب الروسي الإيراني لا يعني الانتقال إلى اتحاد كامل. ويمكن العثور على عدم الثقة في طهران وسوء فهم سياساتها أيضاً بين عدد من ممثلي النخبة الروسية. أخيراً، لا يزال الطرفان متأخرين جداً في مجموعة متنوعة من القضايا، مثل السياسة في الشرق الأوسط أو حل النزاعات الإقليمية حول بحر قزوين.


يجب ألا ننسى أيضاً أن روسيا وإيران تعملان كمنافسين في سوق الطاقة. الاتفاق المذكور بالفعل مع شركة غازبروم يرجع إلى حد كبير إلى محاولة الجانب الروسي امتلاك تأثير في صناعة النفط والغاز الإيرانية. لذلك، ما زلنا بحاجة إلى معرفة إلى أين سيسمح الإيرانيون بدخول الشركات الروسية في النهاية.


ومع ذلك، وبصرف النظر عن مدى التناقض الذي قد يبدو في بعض المجالات، فإن رزمة التناقضات الحالية لا تتعارض مع التقارب بين إيران وروسيا. إن نموذج الواقعية الذي يطبقه الجانب الروسي يجعل من الممكن التركيز على المصالح المتبادلة حتى في مواجهة مشاكل أكبر بكثير، كما يحدث مع تركيا. في الوقت نفسه، تهتم كل من طهران وموسكو ببناء نظام اقتصادي بديل للنظام الاقتصادي الغربي. من المستحيل أن تفعل هذا بمفردك، والدولتان اللتان تقفان في مواجهة الغرب، هما الأنسب لتحقيق ذلك.


كان الانعكاس المهم لما يحدث هو العمل على إبرام اتفاقية استراتيجية طويلة الأمد بين إيران وروسيا، مشابهة لتلك التي تملكها طهران بالفعل مع الصين وفنزويلا. بناءً على تصريحات المسؤولين الروس، سيتم الانتهاء من المشروع قريباً. من المهم أن تتمتع الوثيقة بصفة مذكرة، فهي تؤكد رسمياً نيات الأطراف، ولكنها لا تفرض أي التزامات مباشرة.

 نيكيتا سماجين - باحث ، دراسات إيرانية ؛ المجلس الروسي للشؤون الدولية
المصدر: المجلس الروسي للشؤون الدولية

الدين والدولة والدستور: مقاصد الإسلام أم مقاصد السّاسة ؟

    8/06/2022 07:32:00 ص   No comments

بقلم: عبد اللّطيف الهرماسي


تعيش تونس منذ 25 جويلية 2022 لحظة تاريخيّة حرجة وقلقة، لحظة اهتزّت فيها المنظومة التي هيمنت على مقدّرات البلاد منذ حدث «الثورة» بفعل صعود قوى أنتجها فشل هذه المنظومة وعجزها لا عن الاستجابة لتطلّعات الشّباب المنتفض وحسب، بل حتى عن الحفاظ على مستوى النّمو والرّفاه، المحدود لا محالة، الذي تحقّق على عهد السابع من نوفمبر. ليس أدلّ على هذه الخيبة من عودة الحياة للمنظومة التّجمعيّة في صيغتها الصلبة على يد الحزب الدستوري الحرّ وزعيمته عبير موسى التي ترفض الاعتراف بشرعيّة الثورة أصلا وتريد العودة إلى استئصال الإسلام السياسي، ولا أدلّ عليها أيضا من صعود التيار الشعبوي بقيادة قيس سعيد الرّافض للاعتراف بنتائج 14 جانفي، معتبرا ما حصل أثناءه وإثره خيانة لآمال ورمزيّة 17 ديسمبر.


فهذا المثقّف والحقوقي اللاّنمطي، الطّارئ على الساحة السياسيّة، أصبح منذ 15 جويلية يمثل مركز استقطاب لولاء شعبي واسع وجذب لمكوّنات سياسيّة متنافرة ولا تجمع بينها سوى كراهيّتها للمنظومة التي أدارت البلاد وخاصّة النّقمة على حركة النهضة وتحميلها المسؤوليّة عن تردّي الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة وسوء أداء المؤسّسات السياسيّة خلال العشريّة المنقضية، بل وصل الأمر حدّ اعتبار دستور 2014 سببا في انحراف مسار الانتقال الدّيمقراطي والانسداد السياسي وعدم الفاعليّة. ضمن هذا السياق وإثر تجميد البرلمان وتعيين حكومة جديدة تتالت قرارات الرّئيس بدءا بمرسوم 22 ديسمبر المنظم للحالة الاستثنائيّة والمعطّل لأغلب أبواب دستور 2014 وانتهاءً بإعلان دستور 30 جوان 2022. ولئن تعدّدت المآخذ على ما يُراد له أن يكون دستور «الجمهوريّة الجديدة»، فإنّ أبرزها يدور بصورة أو بأخرى حول مكانة الدّين في تنظيم الدّولة وفي مشروع المجتمع الذي يدافع عنه كلّ طرف، وبالتّبعيّة حول مكانة الدّين في الدّستور المقترح. ومن أجل فهم أفضل لرهانات هذا الجدل ومفرداته، وهو الذي لم يخلُ من تلاعب بالمصطلحات وبالذّاكرة التاريخيّة، يكون من المفيد الابتداء بوضعه ضمن السياق التاريخي ومسار العلاقة بين الدّين والسياسة والدّين والدّولة في تونس منذ الاستقلال، قبل أن نأتي إلى المشهد السياسي والإيديولوجي الرّاهن بما يعرفه من تقلّبات وما يطرحه من قضايا ذات صلة.


1 - ستّون سنة من استقرار العلاقة بين الدّولة والدّين واهتزازها بين الدّين والسياسة


تسمح المقاربة السوسيولوجيّة التاريخيّة بتلمّس ست لحظات متميّزة في تاريخ الصّراع حول إشكال الدّين والدّولة، تنقسم إلى ثلاث سابقة للثورة وثلاث لاحقة عليها. بالنّسبة لمرحلة ما قبل الثورة يمكن برأينا التّمييز بين:


• لحظة سيطرة النّخبة المبشّرة بالحداثة ودولنة الدّين.


• لحظة استراحة العلمانيّة المكافحة والتي تزامنت مع انفتاح مجال النّشاط أمام الجماعة الإسلاميّة.


• لحظة تؤتّر العلاقة مع «الإسلام السياسي» والتي تجسّدت في تصاعد المواجهة مع حركة النهضة ووضع المؤسّسة الدّينيّة في خدمة نظام بن علي.


تحتلّ اللّحظة الأولى مكانة ممتازة على أكثر من صعيد، ففي ظلّ الإصلاحيّة البالغة الحذر والاحتشام للعلماء أفتك الزعيم السياسي ممثّلا في بورقيبة زمام الإصلاح والتحديث الدّيني وبرّر سيطرة الدّولة على الدّين بضرورات التنمية. لقد تعاطت نخبة الدّولة الوطنيّة مع منظومة الشّريعة والمؤسّسات الإسلاميّة من خلال نقد صارم لهذا الموروث وإعادة النّظر فيه بالاجتهاد الجريئ وحتى بتجاوزه والقطع معه كما حصل مع إصدار مجلّة الأحوال الشخصيّة، وإلغاء التّعليم الزيتوني التقليدي، وحلّ الأحباس، والدّعوة إلى إفطار رمضان وإعطاء الأولويّة للعمل والاقتصاد لأجل إنجاح «معركة الخروج من التّخلّف» فضلا عن تشجيع المرأة على التحرّر من سجن البيت وسجن الحجاب التقليدي. أرست تلك النّخبة الدّستوريّة سلطتها من خلال سلطة الدّولة الحديثة والقويّة والوصيّة على المجتمع والعاملة على تطويره حتى يلتحق بركب « المجتمعات المتحضّرة»، لكنّها كانت عارفة بخصائص الواقع التونسي، وأنّ المواقف في صلب الحزب الحرّ الدّستوري إزاء الدّين ومؤسّساته ليست متجانسة، وكان عليها أن تُراعي أيضا المشاعر الدّينيّة لمعظم التونسيّين وعلماء الدّين الموالين لها. ونحن نفترض أنّ هذا الإدراك وهذا الحسّ السياسي هو الذي جعل بورقيبة وصحبته يختارون صياغة الفصل الأوّل من الدّستور على النّحو المعروف (تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة الإسلام دينها، والعربيّة لغتها، والجمهوريّة نظامها) ويستبعدون مقترح فرع اتّحاد الطّلبة التونسيين بفرنسا بإقامة نظام لائكي، وهي دعوة تصدّى لها علماء الدّين بردود حادّة في «المجلّة الزيتونيّة».


هذا التوجّه الذي اختار معاملة الإسلام كدين رسمي للدّولة -وفق فهمنا- تجسّد كذلك في التّنصيص على أن يكون المترشّح لرئاسة الجمهوريّة مسلما، وفي إقامة إدارة عامّة للشعائر الدّينية، وفي تدريس مادّة التربية الإسلاميّة بالابتدائي والثانوي، إلى جانب اعتلاء بورقيبة المنبر للإرشاد مفعّلا الصلاحيّة التقليديّة للأمير في المجتمعات السنيّة. ولذلك أيضا راوح بورقيبة بين التبشير بمثُل علمانيّة وبين التّصدي لمهمّة تحديث الرّؤية الدّينية والتشريع، ورغم إعجابه بكمال أتاتورك رفض متابعته في التهجّم على الإسلام وإرساء النّظام اللاّئكي. كانت ثورة بورقيبة من داخل الإسلام وتحت سقفه وليس من خارجه. وفي ذلك لم يكن له من أفق سوى الدّولة المدنيّة، ولم يُدر بخلد عاقل أن الصيغة الواردة بدستور 1959 «الإسلام دينها» تمهّد لإرساء «دولة دينيّة» سواء بمعنى الدّولة التي يحكمها رجال الدّين أو بمعنى الدّولة التي تجعل غايتها ومصدر شرعيّتها تطبيق الشريعة وأحكامها.


على أنّ الهجوم الكاسح الذي شنّه بورقيبة على المؤسّسة الدّينيّة التقليديّة ورجالها تحول بداية من النصف الثاني من الستينات إلى هدنة وإعادة الاعتبار لبعض القيم الموروثة وهي فرصة استفاد منها التيار الإسلامي الوليد والذي استغلّ كلاّ من تجاوزات بورقيبة وطفوليّة اليسار المناوئ للدّين، وهذا لا يمنع من أنّ المحاولة الأولى للمصالحة بين الدّولة والدّين وما شهدته من تأثيث لبرامج التربية الدّينية بمضامين محافظة قد أثارت غضب التيّار الحداثي الذي يمثّل ثمرة التنشئة البورقيبيّة وتأثيرات ثقافة التنوير والثورة الفرنسيّة والإيديولوجيّة اللاّئكيّة. ينبغي التنبيه إلى أنّ هذا التيّار الحداثوي واللاّئكي الذي يشمل تنظيمات سياسيّة وجمعيّات وشخصيّات فكريّة أو ناشطة في المجال الثقافي، حقّق منذ الستينات السيطرة على ساحة الفكر والثقافة العليا وأثّر بقوّة على نمط تفكير النّخبة وكان حاضرا باستمرار لتوجيه أو خدمة مشاريع السلطة المناهضة للإسلام السياسي وصولا إلى المحطّة الرّاهنة والدور الذي لعبته مكوّنات هذا التيار ورموزه في دعم مشروع أو سياسة قيس سعيّد.، وللتوضح فإنّنا نصف هذا التيار باللاّئكي تحديدا وليس بالعلماني باعتبار أنّ اللاّئكيّة تفترض الفصل التّام بين الدّين والسياسة والدّين والدّولة وارتبطت تاريخيّا بالنموذج الفرنسي الذي حاصر تأثير الدّين وكافح ضدّ رجاله، في اختلاف عن العلمانية التي سادت بالبلدان التي عرفت تجربة الإصلاح البروتستانتي، وحيث، رغم تراجع دور الدّين بشكل كبير أحيانا، فإنّه لا وجود لمبدإ الفصل، بل أنّ البروتستانتينيّة تُعامل فيها كدين رسمي. وبالمثل فإنّنا نستخدم عبارة حداثوية وحداثوي لتسمية الإيديولوجيّات والانتاجات الفكريّة التي ترفض التّعاطي باستقلاليّة وبعقل نقدي مع الحداثة الغربيّة والقيم التي رافقتها، بل تعتبرها أسمى ما انتجت الإنسانيّة، وبالمقابل تدخل في علاقة قطيعة مع الموروث الثقافي والفكري الإسلامي.


رغم جرأة وحدّيّة الدّعوة الإصلاحيّة لبورقيبة فقد كان صاحب مشروع ورؤية شموليّة للتّحديث الوطني خلافا لمن حلّ محلّه باستغلال عجزه. فبالنّسبة لنظام بن علي لم تكن الحداثة سوى واجهة لتلميع صورته وتبرير مشروعه للسيطرة واستئصال منافسته الرئيسيّة، حركة النهضة، وحشد الأنصار ضمن ما يسمّى آنذاك بالجبهة المعادية للظّلاميّة. كانت المرحلة النوفمبريّة مرحلة تلاعب سياسي صرف بكلّ من قيم الحداثة والقيم الدّينيّة: شعارات كاذبة حول كونيّة حقوق الإنسان التي يتمّ دوسها يوميّا، وتنازلات بروتوكوليّة شكليّة لمظاهر احترام الدّين، يقابلها نهج أمني في التعامل مع التديّن، كما شهدت به المراقبة البوليسيّة لفضاءات العبادة ومطاردة لبس الحجاب وتوظيف كلّ من النّخبة الدّينيّة والنّخب اللاّئكيّة في عمليّة اجتثاث الحركة الإسلاميّة واستهداف الحريّات الدّينيّة.


من المهمّ أخذ ما سبق بعين الاعتبار لفهم ما جرى ويجري في المرحلة الثانية من مسار العلاقة بين الدّين والدّولة والتي تقترح قراءة منعطفاتها في ثلاثة عناوين:


الأولى هي لحظة ثأر الدّين والقيّمين الجدد عليه من النهضويّين والسلفيّين وحزب التحرير، وهي أيضا لحظة الاستقطاب الحداثي-الإسلامي.


والثانية هي لحظة التوافق على اقتسام النفوذ بين الزعيمين والجناحين المتنفذين في كلّ من حركة النهضة ونداء تونس، وهي صفقة سياسية أفرزتها موازين القوّة وحسابات المصلحة، ولم تحل دون حصول احتكاكات وتوتّرات في التعامل مع القضايا ذات الصّلة بالدّين وإدارته وآخرها الموقف من مشروع التسوية في الإرث الذي تبنّاه الرّئيس قائد السبسي.


رغم أنّ بعض الأطراف ضمن الكتلة الثقافيّة والإيديولوجيّة الحداثويّة بقيت غير راضية عن دستور 2014، فقد لقي مقبوليّة واسعة وحظي بإجماع واسع باعتباره أرضيّة للتعايش، باستثناء مآخذ على البابين المتعلّقين بالسلطة التشريعيّة والسلطة التنفيذيّة تهمّ تقليص صلاحيّات رئيس الدّولة لفائدة نوع ممّا نُسمّيه دكتاتوريّة البرلمان، ودعوات وُجّهت من المكوّنات الدّيمقراطيّة الاجتماعيّة لتلافي هذا الإخلال. على أنّ أحدا لم يكن يتوقّع أن يعمد قيس سعيد إلى تأويل وتفعيل الفصل 80 بالطريقة التي فعل لتفكيك المنظومة التي جعلت – والحقّ يُقال- من الدّيمقراطيّة الليبرالية كما طُبّقت في تونس ديمقراطيّة فاسدة، وحوّلت البرلمان إلى فضاء لمناكفات ومناورات غرضها بقاء النهضة في مواقع النفوذ واحتفاظ رئيسها برئاسة مجلس النواب بأيّ ثمن.


كنّا عبّرنا عن رأينا في هذه التطوّرات الدراماتيكيّة في تدوينة لنا على صفحة الفايسبوك بتاريخ 01 أوت 2021، جاء فيها أنّ « ما أقدم عليه قيس سعيد يمثّل تجاوزا لما يتيحه له الفصل 80، بل يمكن اعتباره انقلابا دستوريّا وسياسيّا لكونه وضع حدّا لسيطرة النهضة على مقدرات الحياة السياسية، ورغم ضبابيّة الوجهة بخصوص فرص تجاوز الانسداد الذي آل إليه انحراف مسار الانتقال الدّيمقراطي عن الغايات التي كان يفترض بلوغها، فثمّة شيئا مؤكّدا وهو أنّ ما لجأ إليه قيس سعيد بعد تعثّر مبادرة الحوار الوطني أصبح عمليّا الحلّ الوحيد المتاح للخروج من المأزق (...) هو محظور دستوري ولكنّه محظور دفعت إليه الضرورة ... هو الحلّ الذي حلم به أو دعا إليه الكثيرون ممّن أصابهم اليأس من قدرة المنظومة المنبثقة من توافقات 2014 على إصلاح نفسها، إلى الحدّ الذي تمنّوا فيه مجيء مستبدّ عادل يضع حدّا للعبث والاستهتار».


بناءً على ما سبق يجوز القول أنّ قيس سعيّد استغلّ أوضاع الفساد السياسي وسوء الحوكمة لإزاحة طرف سياسي رئيسي كان دعّمه بالأصوات في رئاسيّات 2019 ثمّ أصبح خصما له لما تعلّق الشّأن بتحديد من بيده سلطة القرار. وعلى خلفيّة هذا التنازع حول الصلاحيّات وظّف سعيّد اللّغة الشعبويّة لشيطنة حركة النهضة وقيادتها كما عمل على استبعاد أو إضعاف الهيئات الوسيطة من أحزاب ونقابات وجمعيّات ومثقّفين من أجل إرساء سلطته الشخصيّة والانفراد بالقرار.


2 - قيس سعيد والبناء الدّستوري:


بين سوء التّفاهم مع اللاّئكيّين وسوء فهم معطيات التاريخ


بيد أنّ ما حصل إثر 25 جويلية 2021، بما في ذلك المرسوم 117 المنظّم للأحكام الاستثنائيّة، وما تلاه من قرارات تستهدف تطهير القضاء والتحكّم في السلطة القضائيّة وتنظيم الانتخابات بما يُوافق الرّغبة الرئاسيّة، كلّ هذا لا يكفى لتفسير ما ورد بدستور 30 جوان من بنود تهمّ صميم العلاقة بين الدّين والدّولة وتشكّل بديلا ليس فقط عمّا ورد بدستور 2014، وإنّما كذلك عن النسخة التي اقترحتها اللّجنة المضيّقة المُكلّفة بإعداد دستور «الجمهوريّة الجديدة». فما الذي حصل حتى يكلّف سعيّد وهو الشعبوي – المحافظ أستاذه الصادق بلعيد وزميله أمين محفوظ المعروفين بنزوعهما الحداثوي بهذه المهمّة؟ ثمّ لماذا رفض ما اقترحاه وعوّضه ببنود استفزّت كلّ الحداثيّين؟ كيف تفسّر هذه المفارقة وما أحدثته من لخبطة؟ وكيف برّر سعيّد مُقرراته بشأن علاقة الدّين بالدّولة وبالحرّيات؟


من بين العناصر التي قد تعين على الفهم ما حصل منذ 25 جويلية من ظهور موجة واسعة مساندة للرئيس أثمرها السخط الذي خلّفته إخفاقات العشريّة السابقة. ولا يقتصر هذا الحزام المناصر له على عامّة الشعب بل شمل نخبا سياسيّة ومثقّفين معادين بشدّة للإسلام السياسي ومصمّمين على اقتلاع مواطن نفوذ حركة النهضة ومحاسبة قيادتها. وقد حصل التقاء على هذه الأرضيّة بين شبكة أنصار قيس سعيّد والأحزاب القوميّة التي مازالت تعيش على ذاكرة الصّراع بين الإخوان وعبد الناصر أو حزب البعث السوري، ولفيف من الوطنيين الدّيمقراطيين وعناصر تجمعيّة-ندائيّة قيد إعادة الرّسكلة، وعناصر ذات علاقة مشبوهة بأمن بن علي والمخابرات الأجنبيّة، بالإضافة إلى نواة المثقفين اللاّئكيين المنادين بإقرار الحريّات الفرديّة جميعها تطبيقا لبنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدوليّة بما فيها 'الملاحق التّأويليّة ذات العلاقة بالممارسات الطقوسيّة للأقليّات والموقف من عقوبة الإعدام والمجاهرة بالمثليّة.


بيد أنّ ما يجمع بين المكوّنات المناصرة لقيس سعيّد لا ينبغي أن يحجب ما بينها من تعارضات في المصالح والإيديولوجيّات، كما يضعنا أمام لغز إسناد مُهمّة صياغة مسودّة الدستور الجديد لأستاذين في القانون يخالفان على طول الخطّ المواقف المحافظة لقيس سعيّد وأشهرها ما سبق أن أعلنه منذ سنة 2018 بخصوص التسوية في الميراث ووضعه في نفس الموقع مع حركة النّهضة، ثمّ ما عقب ذلك التكليف من استبعاد فصول أساسيّة من مقترحهما أو تحويرها بصورة اعتبرها الثنائي غير مقبولة وحاملة لمخاطر جسيمة.


من الواضح أنّ ثمّة خلافات كبيرة في الرّؤى وفي تصوّر مشروع تونس الغد، خلافات معروفة تمّ التغاضي عنها ووضعها بين قوسين، عن قصد أو عن غير قصد، ورغبة في ربح الطّرف الآخر أو من باب الحسابات الماكيافيليّة، ومن ضمن النقاط موضوع الالتباس أو سوء التفاهم ما يتعلّق بمبرّرات وحدود التخلّي عن الصّيغة الشهيرة الواردة بالفصل الأوّل من دستور 1959 و2014: « تونس دولة... الإسلام دينها...».


إذا كان السبب واضحا بالنسبة لأصحاب الخيار اللاّئكي ممّن لم يهضموا محاولة دستور 2014 التوفيق بين إسلام تونس ومدنيّة نظامها، وبين احترام حريّة الضمير واحترام المقدّسات، فإنّ الأمر ليس كذلك عند سعيّد. اللاّئكيّة تقتضي الفصل بين المجالين العام والخاص وبين السياسة والدّين وبين الدّولة والمؤسّسة الدّينيّة. وهو ما لا يقبل به قيس سعيّد، ومع ذلك رأيناه يُماشي دعاة إلغاء عبارة « الإسلام دينها»، فبماذا نفسّر هذه المفارقة التي أدّت إلى التقاء عابر وظاهري مع دعاة الفصل بين الدين والدّولة من الحداثيين؟


الجواب نجده في مساهمة فكريّة اتخذت شكل محاضرة قدّمها سعيّد سنة 2018 بعنوان «الإسلام دينها» وهي منشورة على صفحات التواصل الاجتماعي وقدّم الرئيس بعض عناصرها في لقائه مع الحجيج في دوان 2022 القراءة المتمعّنة بُغية معرفة الفكرة التي يريد إبلاغها والطريقة التي يبني بها برهنته أوصلتنا إلى أنّه يرفض استلاف المفاهيم التي أنتجها الغرب المرتبط في ذهنه بالمسيحيّة، وفي هذا الإطار يعتبر مقولة «دين الدّولة» مستوردة من الغرب كما أنّ تضمينها في دساتير أو مشاريع دساتير عدد من الدّول الإسلامية كان نتيجة مسلح استعمارية وليس تجبيرا عن حاجة للأمة الإسلاميّة، يتعلّق الأمر إذن بالبحث عن الأصالة ورفض الذوبان في المنظومة الفكريّة والقيميّة الغربية المهيمنة، وهو هدف علمي وثقافي مشروع بل مرغوب فيه حسب رأينا ولكن بشروط وضمن حدود تقدر أنّها لم تتوفّر في عرض الأسباب الذي قدّمه قيس سعيّد في محاضرته، والذي يتّسم بضعف الاتساق الفكري والتعارض بين المقدّمات والنتائج وعدم التزام نفس المنهجيّة في التعاطي مع المفاهيم وصولا إلى التلاعب بها.


يُقرّ قيس سعيّد من حيث المبدإ بالطابع التاريخي للأفكار والمفاهيم وتحوّل مدلولاتها من سياق إلى آخر كما فعل عند تطرّقه – السّريع لا محالة- لمفهوم دين الدّولة ولمفهوم الدّولة ذاته، والذي ارتبط في القديم بشخص الملك المقدّس، ولم يكن في الحضارة العربيّة الإسلاميّة يعني سوى فكرة التّداول والتعاقب الزمني للأسر الحاكمة، قبل أن يحلّ محله في الفترة المعاصرة المفهوم الحديث للدّولة بوصفها مؤسّسة مستقلّة عن أشخاص الحكّام، لكنّ سعيد يتخلّى عن هذه المقاربة التاريخيّة الموضوعية عندما يتطرّق إلى « النصوص التي يمكن وصفها بالدّستوريّة»: يقول أنّه حتى منتصف القرن التاسع عشر لم ترد فيها أيّ إشارة إلى الدولة أو إلى معتقدها ودينها وأنّ «الأمر محسوم لا يحتاج إلى مبدإ قانوني يحميه، فهل يمكن أن يكون لدولة الخلافة الإسلاميّة دين غير دين الإسلام؟».


بيد أنّ هذه المعاينة تتحوّل عند سعيّد إلى حاجز منهجي ومعرفي يحول دون الاعتراف بما أملته الأوضاع التاريخيّة، وتحديدا تحول عالم الإسلام من القوّة إلى الضعف ومن الازدهار إلى التخلّف – من ضرورة الأخذ عمّن تجاوزهم وتفوّق عليهم في المجال المعرفي والتنظيمي والاقتصادي وغيره. بعبارة أخرى يتعامل سعيّد مع مسألة العلاقة بين الحضارات والتّثاقف الذي لا مناص منه على أساس أنّ الإسلام مُكتف بذاته ولم يكن في حاجة للأخذ من الغير، أي أنّه رغم الأزمة الخانقة لدولة الخلافة ومؤسّسة الخلافة والتي أحرجت رجالات النّهضة والإصلاح إلى أبعد الحدود، فإنّه لم تكن ثمّة ضرورة للبحث عن حلول في الانفتاح على الغرب الحديث والأخذ منه. ضمن هذا الإطار جاء رفض قيس سعيّد الحديث عن دين دولة في أرض الإسلام وإنكاره ما حصل من ذلك، مقدّما نوعين من الحُجج.


الحجّة الأولى أرادها أن تكون فلسفيّة-معرفيّة قوامها أنّ الدّولة عبارة عن فكرة أو مؤسّسة قائمة الذّات من باب التصوّر والخيال، فكيف لهذه الذّات المعنويّة أن تكون لها عقيدة وأن تدين بدين من الأديان؟ هل توجد دولة بهذا المفهوم الحديث تطوف بالبيت الحرام أو تصوم أو تتطّهر وتغتسل؟ وهل يوجد يوم حشر للدّول؟ وعليه « فالإسلام لا يمكن أن يكون إلاّ دين الأمّة وليس دين الدّولة». بقطع النّظر عن استعادة سعيّد لهذا الخطاب أمام تونسيّين يتهيّؤون للذّهاب إلى بيت الله الحرام ولا يفهمون شيئا ممّا يقوله، وبالتالي عن الاستغلال التعسّفي لذلك الموقف، فإنّ التمييز الذي أقامه سعيّد قائم على مغالطة أو تلاعب بالمصطلحات. فالأمّة بدورها عبارة عن تصوّر وبناء مخيالي، وهي مفهوم تطوّر تاريخيا لينتج تميّزا بين الأمّة الدّينيّة والأمّة القوميّة. وكما يختلف رعايا الدّولة أو مواطنوها عن الدّولة، يختلف أفراد الأمّة عن الأمّة. وإذا أخذنا بعبارات سعيّد فالأمّة مثل الدّولة لا تصلّي وتصوم ولا تحجّ، وإنّما يفعل ذلك أفراد منها بنسب متفاوتة بحسب ظروفهم ودرجة التزامهم الدّيني.

_________________

اقرأ أيضا:


24 يوليو 2022

حركة حماس مصممة على مراجعة لمراحل الفترة السابقة مع سورية

    7/24/2022 08:46:00 ص   No comments

قال “المجلس الإسلامي السوري”، إن “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) لم تبد أي استجابة لمطالب ما وصفته العلماء المسلمين بعدم إعادة علاقاتها مع النظام السوري، رغم بذل المجلس جهده لـثنيها عن المضي في هذا القرار الذي وصفه المجلس بالخطير الخطير.

وكانت حركة المقاومة الإسلامية قد اتخذت قرارا باجماع المكتب السياسي بإعادة العلاقة مع سورية قبيل زيارة قام بها رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية رفقة وفد من الحركة الى بيروت.

وجاء في بيان أصدره ما يسمى المجلس الإسلامي السوري وهو منبثق عن حركة الاخوان المسلمين امس، إن الحركة “حاولت صرف الأنظار عن حقيقة مناصحتهم وتحذيرهم (العلماء) بتسريب مخلٍّ لصورة تظهر العلماء الذين ذهبوا محذرين للحركة بمظهر المباركين بحدث هامشي تم إقحامه آخر اللقاء.

واعتبر البيان، أن إعادة “حماس” علاقتها بالنظام السوري “يستكمل مشهد اصطفاف الحركة مع المحور الإيراني الطائفي المعادي للأمة، ذلك المحور الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية خداعًا ويوغل في سفك دم المسلمين في سوريا والعراق واليمن”.

وأضاف البيان، أن حركة “حماس” ستتلقى في حال إعادة علاقتها بالنظام “أكبر الخسارات المتمثلة بسلخها عن محيطها وعمقها لدى الشعوب المسلمة التي طالما وقفت معها وساندتها، وسيُظهر هذا القرار الحركة بمظهر التي تقدم منفعتها الشخصية المتوهمة على منفعة الأمة المتحققة، وتقدم المصالح على المبادئ”.

ولم تبد القيادة السورية أي رد فعل او تعليق علني على قرار حماس بإعادة وصل العلاقة، لكن مصادر في حينها قالت ان القيادة السورية ليست جاهزة بعد لملاقاة حركة حماس في قرارها إعادة العلاقة، بسبب ما تعتبره دمشق طعنة من حركة حماس التي كانت تتخذ من دمشق مقرا لها قبل الحرب في سورية، وغادرتها عند اندلاع الاحداث وصدرت عنها عدة مواقف مؤيدة للفصائل المسلحة التي قاتلت الجيش السوري خلال الحرب، وداعمة للمعارضة السورية التي سعت جاهدة لاسقاط النظام في سورية متعاونة مع قوى خارجية في الإقليم، وقوى غربية على راسها الولايات المتحدة.

ونشر “المجلس الإسلامي” توضيحًا عبر تسجيل فيديو مصوّر، في قناته الرسمية عبر “يوتيوب”، قال فيه المتحدث الرسمي باسم “المجلس”، الشيخ مطيع البطين، إن لقاء الرفاعي بإسماعيل هنية تمّ لأمر واحد، وهو تنبيه الحركة بغرض ثنيها عن قرار إعادة علاقتها بالنظام السوري بحسب البطين.

وأصدرت مجموعة اطلقت على نفسها اسم ” العلماء المسلمين ” اجتمعت مع قيادة حركة حماس في بداية الشهر الجاري بيانا حول اللقاء أشاروا فيه ان الاجتماع مع الحركة جاء لاستيضاح قرار حماس باستعادة العلاقة القديمة مع سورية بعد القطيعة التي جرت على خلفية موقف حماس من الحرب السورية وان مجموعة العلماء قدمت نصيحة لقيادة الحركة بعدم القيام بهذه الخطوة.

ووقع على البيان حينها كل من الشيخ أسامة الرفاعي، ورئيس هيئة علماء اليمن، عبد المجيد الزنداني، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، ونائب رئيس الاتحاد، عصام أحمد البشير، بالإضافة إلى عضو مجلس أمناء الاتحاد، عبد الحي يوسف، والأمين العام لرابطة علماء المسلمين، محمد عبد الكريم، وأمين عام مجلس البحوث بدار الإفتاء الليبية، سامي الساعدي.

ويبدو من خلال البيان ان حركة حماس مصممة على موقفها المبني على مراجعة لمراحل الفترة السابقة، وتقديرها للوضع السياسي لها ووضع المقاومة الفلسطينية بشكل عام.

ومن غير الواضح حتى الآن مآلات هذا التوجه الجديد وان كان فعلا سيعيد رسم العلاقة بين حليفي الامس خاصة ان الطرفان ينتميان لمحور مناهض لإسرائيل وسياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

__________

اقرأ أيضا:


13 مايو 2022

ميدفيديف يحذر من 10 عواقب وخيمة للعقوبات ضد روسيا

    5/13/2022 06:36:00 ص   No comments

قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ، دميتري ميدفيديف ، إن عالم ما بعد العقوبات ضد روسيا سيتحمل 10 نقاط كارثية.

جاء ذلك في منشور على قناته على Telegram ، حيث أشار إلى أن ما سيحدث في الواقع هو واقع وليس خارج التوقعات ؛ فيما يلي ترجمة بيانه:

__________________

ماذا سيحدث بعد ذلك ، أو العالم بعد العقوبات ضد روسيا (ليس توقعًا على الإطلاق)


1. سينهار عدد من سلاسل التوريد العالمية للسلع ، ومن المحتمل حدوث أزمة لوجستية كبرى ، بما في ذلك انهيار أنشطة شركات الطيران الأجنبية التي يُحظر عليها التحليق فوق الأراضي الروسية.

2. ستشتد حدة أزمة الطاقة في تلك الدول التي فرضت عقوبات "مطلقة على نفسها" على توريد ناقلات الطاقة الروسية ، وسيستمر المزيد من النمو في أسعار الوقود الأحفوري ، وسيتباطأ تطور الاقتصاد الرقمي في العالم. .

3. ستأتي أزمة غذاء دولية كاملة مع احتمالية المجاعة في فرادى الدول.

4. من الممكن حدوث أزمة نقدية ومالية في بعض البلدان أو مجتمعات البلدان ، مرتبطة بتقويض استقرار عدد من العملات الوطنية ، وتضخم متسارع ، وتدمير النظام القانوني لحماية الملكية الخاصة.

5. ستنشأ صراعات عسكرية إقليمية جديدة في تلك الأماكن التي لم يتم فيها حل الوضع سلميا لسنوات عديدة أو تم تجاهل المصالح الهامة للاعبين الدوليين الرئيسيين.

6. أصبح الإرهابيون أكثر نشاطًا ، معتقدين أن اهتمام السلطات الغربية اليوم يتحول إلى مواجهة مع روسيا.

7. ستبدأ الأوبئة الجديدة بسبب رفض التعاون الدولي الصادق في المجال الصحي والوبائي أو بسبب الحقائق المباشرة عن استخدام الأسلحة البيولوجية.

8. سيكون هناك تراجع في أنشطة المؤسسات الدولية التي لم تتمكن من إثبات فعاليتها في سياق تسوية الوضع في أوكرانيا ، مثل ، على سبيل المثال ، مجلس أوروبا.

9. سيتم تشكيل تحالفات دولية جديدة للبلدان على أساس معايير أنجلو ساكسونية براغماتية وليست أيديولوجية.

10 - ونتيجة لذلك ، سيتم إنشاء هيكل أمني جديد يتم فيه الاعتراف بالحقائق القائمة بحكم الأمر الواقع ومن ثم بحكم القانون:

أ) ضعف المفاهيم الغربية للعلاقات الدولية مثل "النظام على أساس القواعد" وغيرها من الخردة الغربية الحمقاء ؛

ب) انهيار فكرة العالم المتمركز حول أمريكا ؛ و

ج) وجود مصالح يحترمها المجتمع الدولي في تلك البلدان التي تمر بمرحلة حادة من الصراع مع العالم الغربي.


01:00 ؛ الجمعة 13 مايو 2022.

1 أبريل 2022

الصدر يفشل ولا يتنازل وفشله نابع من كبريائه ومحدودية فهمه ومفاهيمه

    4/01/2022 07:33:00 ص   No comments

 لم يَعُد من خيار أمام القوى السياسية العراقية، بعد سقوط رهان التحالف الثُّلاثي، على إنتاج حُكم جديد تحت عنوان «حكومة غالبية وطنية»، سوى العودة إلى صياغة جديدة لمفهوم الأغلبية، بفعل استخدام قوى الأقلية، الثُّلُث المعطّل، في نسف جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

 ولكنّ زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الذي يشعر بتلاشي فرصته لحُكم البلاد، عاجَل هذا الطرح بتغريدة قاطعة، مُعلناً «(أنني) لن أتوافق معكم. لا للتوافق بكلّ أشكاله. فما تسمّونه بالانسداد السياسي أهون من التوافق معكم وأفضل من اقتسام الكعكة معكم»، مضيفاً أن «الوطن لن يخضع للتبعية والاحتلال والتطبيع والمحاصصة».


 غير أن الواقع هو أن مشروع التحالف الثُّلاثي للاستئثار بالحُكم هو الآخر وصل إلى طريق مسدود، مع كلّ ما يمكن أن يفضي إليه من مشاريع خطرة على العراق، من خلال تشجيع الميول الانفصالية لآل بارزاني في كردستان، وتآمرهم على وحدة البلاد. هذا فضلاً عن أنه ليس من الديموقراطية في شيء، أن يدعي الصدر حق الغالبية في الحكم إذا افتقر في الواقع إلى غالبية تمكنه من إنتخاب الرئيس.


فقد رُفعت الجلسة بعد حضور 178 نائباً من أصل 329 عضواً في مجلس النواب، أي أقلّ بـ42 نائباً من نصاب الثلثَين. وينصّ الدستور العراقي، في المادة 72 ثانياً، على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد خلال 30 يوماً من أوّل انعقاد للمجلس، وبما أنه أُعيد فتح باب الترشيح للرئاسة بقرار من مجلس النواب في السادس من آذار الماضي، اعتُبر هذا التاريخ بداية مهلة الـ30 يوماً. وعليه، يَدخل العراق في فراغ رئاسي اعتباراً من السادس من نيسان.


يقول الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، إنه

 "إذا تجاوَز المجلس هذه المهلة من دون انتخاب رئيس، سنكون أمام فشل غير قابل للحلّ. وربّما يتمّ حلّ البرلمان بطلب من ثلث الأعضاء أو من رئيسَي الجمهورية والوزراء معاً، وموافقة الأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء وفق المادة 64 من الدستور، أو استفتاء المحكمة الاتحادية العليا لمعرفة المَنْفذ الدستوري. وربّما نكون أمام انتخابات مبكرة جديدة، وتستمرّ الحكومة الحالية بتصريف الأمور اليومية".


الحقيقة هي هذه: الصدر له مشكلة شخصية مع المالكي. والصدر يرفض أن يتعامل مع المالكي وحزبه. هذه ليست من شيم الكرام الراعين لمصالح المواطنين كلهم. المالكي هو جزء من الإطار الشيعي. بدون الإطار الشيعي الصدر لا يمثل كل الشيعة الذين ــ حسب العرف السياسي الموروث من الإحتلال ــ يحق لهم تعيين رئيس الحكومة. الصدر بإصراره يريد أن يختزل حق كل الشيعة. من حق الإطار التنسيقي أن يرفض هذا الإختزال المجحف. 

في المجمل, الصدر فشل وفشله نابع من كبريائه ومحدودية  فهمه ومفاهيمه. إستعماله التعابير الرنانة والمفاهيم الفارغة لا تغني ولا تسمن من جوع بما في هذا التعبير من معنى حقيقي هنا. فإذا كان الصدر عاجز مع حلفائه على انتخاب الرئيس فهذا يعني أنه لا يملك الأغلبية.

عليه أن يقبل هذا ويتوقف عن علوه وتعاليه فـ:

لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ           وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ


31 مارس 2022

الاجتماع الوزاري لدول الجوار الافغاني: «العقبة الرئيسة أمام الاعتراف بهذه الحكومة هو افتقارها إلى التمثّل الكافي لفئات الشعب»

    3/31/2022 06:46:00 ص   No comments

 أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن أول ديبلوماسي أفغاني موفد من حكومة حركة «طالبان» وصل إلى موسكو الشهر الماضي، مضيفاً، خلال الاجتماع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان في تونكسي في الصين، أنه حصل على الاعتماد لدى وزارة الخارجية الروسية، بحسب وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء.

في السياق، أكّد لافروف: «يمكن التأكيد على أنه بالرغم من الافتقار إلى الخبرة في الحكم، والقيود المالية والاقتصادية، والضغوط السياسية والديبلوماسية التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها، فإن إدارة أفغانستان، بشكل عام، تمكّنت من إبقاء الدولة واقفة على قدميها».

وأشار، من جهة أخرى، إلى أن «العقبة الرئيسة أمام الاعتراف بهذه الحكومة هو افتقارها إلى التمثّل الكافي لفئات الشعب».

في السياق، اعتبر لافروف أن السلطات الجديدة يجب أن تمثّل «ليس فقط مختَلَف الجماعات العرقية والأقليّات القومية والدينية في البلاد، ولكن أيضاً القوى السياسية جميعها».

الحدود الأفغانية

كذلك، نقلت وكالة «تاس» للأنباء، أمس، عن لافروف قوله إن موسكو لا تقبل بوجود أي بنية تحتية عسكرية للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي في دول تقع على الحدود مع أفغانستان.

كما أكد وزير الخارجية الايراني ضرورة اقامة حكومة شاملة بمشاركة جميع الطوائف ، ضمانا لأمن واستقرار وتنمية أفغانستان وشدد على ضرورة تحقيقها.

وتباحث حسين أمير عبد اللهيان و وزير الخارجية بالوكالة وزارة الخارجية في أفغانستان أمير خان متقي على هامش الاجتماع الوزاري لدول الجوار الافغاني في مدينة تونشي الصينية القضايا ذات الاهتمام المشترك.

و أكد أمير عبد اللهيان على مراعاة احترام حقوق المرأة ، وهو ما أكده الإسلام ورسوله العظيم ، ووصف التعليم على جميع المستويات والمشاركة الاجتماعية للمرأة بأنها قضية مهمة.

بدوره أكد أمير خان متقي أن أراضي أفغانستان لن تشكل مصدر تهديد للدول المجاورة وشدد على محاربة الإرهاب.كما شدد على ضرورة تنفيذ اتفاقية المياه.

وكان أمير عبد اللهيان التقى في وقت سابق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ، ووزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي ، ووزير خارجية تركمانستان ، ووزيرة الخارجية الإندونيسية على هامش الاجتماع الوزاري لدول الجوار الافغاني في مدينة تونشي الصينية.

وغادر وزير الخارجية على رأس وفد سياسي قبل امس الثلاثاء طهران متوجها الى مدينة تونشي بشرق الصين في محافظة آنهوي للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الافغاني.

واستضافت بكين امس الاربعاء الاجتماع الثالث لوزراء خارجية دول جوار افغانستان حول المساعدات الإنسانية لهذا البلد بحضور وزراء خارجية وممثلي جيران أفغانستان.



30 مارس 2022

شامخة

    3/30/2022 06:06:00 م   No comments

شامخة

يا يمن

بجبالك

بصوامعك

برجالك ونسائك وأطفالك

شامخة

لك الله فينا وفي خذلانك


 


28 مارس 2022

من صنعاء الى الرياض: كفى غطرسة

    3/28/2022 08:06:00 ص   No comments



لمدة سبع سنوات كاملة ، لم تتوقف القوات اليمنية المعارضة للسعودية وحلفائها اليمنيين عن المقاومة. في الواقع ، قاموا بشكل تدريجي ومنهجي ببناء الوسائل (العسكرية) والسرد (الأخلاقي والسياسي) من أجل قضيتهم. خلال النصف الأول من الحرب السعودية على اليمن ، كانت حكومة صنعاء محدودة في قدرتها على مواجهة هجوم جيوش ومرتزقة لاثنين من أغنى اقتصادات المنطقة: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

هذا لا يعني أن حكومة الأمر الواقع في اليمن لم تنقل المعركة إلى المملكة العربية السعودية. في الواقع ، لقد فعلوا ذلك منذ العام الأول. تسلل المقاتلون اليمنيون إلى الحدود الجنوبية للسعودية وسيطروا على مناطق واسعة قبل أن يتراجعوا إلى الخطوط الدفاعية. كما شنوا هجمات بصواريخ وطائرات بدون طيار بدائية على مسافة 100 كيلومتر من المناطق المجاورة. رفض النظام السعودي هذه الهجمات ووصفها بأنها مصدر إزعاج غير خطير ، وعندما أرسلت القوات المسلحة اليمنية طائراتها بدون طيار وصواريخها إلى شرق المملكة العربية السعودية ، ألقى النظام السعودي باللوم على إيران - ولا يزال يرفض قبول إمكانية تطوير اليمنيين أسلحتهم وصواريخهم بأنفسهم. قد يكون الدافع وراء هذا الإنكار المتعمد  من جزء من الحكام السعوديين هو الحسابات السياسية أو الغطرسة. هذا يتغير الآن أو يجب أن يتغير.

 في السنوات الثلاث الماضية ، انتقلت حكومة صنعاء من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم المتواصل. وبحسب الوضع الراهن، فإنها تخطو قفزات نوعية واستثنائية تضع النظام السعودي في مواجهة تحديات قد لا يستطيع تحملها.

وتظهر الأهداف التي قصفت داخل السعودية الأسبوع الماضي أن القيادة اليمنية قررت الرد بالمثل وفق معادلة جديدة: الهجمات على صنعاء ستواجه بهجمات على  الرياض. وللمرة الأولى ، قرروا إنشاء هذه الديناميكية الجديدة من خلال الاستهداف المتعمد لمحطات الطاقة وتكريرها ومحطات تحلية المياه ردًا على حرمان المملكة العربية السعودية من الوقود والغذاء من خلال استمرار حصارها الجوي والبحري والبري على اليمن. وعليه ، إذا لم يتم رفع الحصار عن اليمن بحلول صيف 2022 ، فإن النظام السعودي سيواجه وضعا خطيرا للغاية ستطال تداعياته جميع أنحاء البلاد.

هذه المرة لم تستطع الرياض إخفاء الشمس بالمنخل. لا يمكن لوسائل الإعلام تجاهل الصورة الأيقونية لدخان الإسود الذي غطى سماء المدن السعودية. لذلك ، قرر حكام السعودية هذه المرة التمحور: استخدام الهجوم لابتزاز العالم طلباً للمساعدة.

المفارقة الأبرز في عملية "كسر الحصار" الأخيرة التي نفذها الجيش اليمني و "اللجان الشعبية" ضد أهداف حيوية داخل السعودية هي التغطية الإعلامية المكثفة والمباشرة على الهواء من قبل القنوات الفضائية ووسائل الإعلام السعودية المختلفة.

 

بالإضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة ، أرسلت الحكومة السعودية تنبيهات تشير إلى آثار الهجمات اليمنية على إمدادات النفط العالمية ، وتقول إن على من يضغط على الرياض من خلال مطالبتها بضخ المزيد من النفط اتخاذ قرار لحماية المنشآت النفطية وأمن الطاقة ، والممرات البحرية. بقدر ما تمثل الرسائل السعودية أداة ضغط على المجتمع الدولي ، وخاصة واشنطن، فإنها تكشف في الوقت نفسه عن عجز المملكة التام عن حماية نفسها ومصادرها الحيوية.

يبدو أن حكام السعودية يعتقدون أن التغطية الإعلامية المكثفة للهجمات قد تخيف الشعب اليمني والقيادة اليمنية من تغيير الرأي العام والمجتمع الدولي ، فضلاً عن إيجاد مبررات لهجماتهم اليومية على هذا البلد. بمعنى آخر ، تحاول الرياض الآن تحميل جماعة أنصار الله مسؤولية ارتفاع أسعار النفط العالمية. ومع ذلك ، فإن هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية ومن المرجح أن يؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل. وبدلاً من الضغط على حكومة صنعاء ، فإن هذه الاستراتيجية الجديدة قد تضغط على السعودية، وتجبرها على رفع الحصار عن اليمن، خاصة وأن اهتمام القوى العظمى الآن قد استهلكته الأزمة في أوكرانيا بالكامل. وبالتالي ، في حين أن هذه السياسة من المرجح أن تؤدي إلى نتائج عكسية ، إلا أن هناك رأيًا يقول إن تعرض مصادر الطاقة السعودية لمزيد من الهجمات قد يجبر صناع القرار الغربيين على البحث عن الاستقرار في باب المندب ومضيق هرمز والبحر الأبيض المتوسط ​​، حيث تتمتع إيران وحلفاؤها بوجود كبير.

 يرى العديد من المراقبين أن عملية "اليوم الوطني للصمود" ، التي تنفذها القوات الصاروخية والطائرات المسيرة في أعماق المملكة العربية السعودية ، أصبحت تقليدًا سنويًا ، أعلن عشية إعلان الحرب على اليمن ، و يعتبر افتتاح العام الجديد. وأشاروا إلى أن هذه العمليات لم تعد تتسم بالسرية. بل يعرف الحكام السعوديون وحلفاؤهم أنهم سيتعرضون للهجوم عشية الذكرى ، إذ تعرضوا سابقًا لعمليات مماثلة واسعة النطاق في نفس الذكرى ، طالت منشآت عسكرية واقتصادية حساسة في جميع أنحاء المملكة.

لذلك ليس من المستغرب أن صنعاء ، الأسبوع الماضي ، الجمعة 25 مارس 2022 ، افتتحت العام الثامن للعدوان والحصار بعملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت عددًا كبيرًا من المنشآت الحيوية السعودية. وتأتي هذه العملية بعد أيام من تنفيذ عملية "كسر الحصار" الثانية ، وهي امتداد لعملية "كسر الحصار" الثالثة التي استهدفت منشأة أرامكو في جدة وجيزان. كما تزامنت مع الاستعدادات الرسمية التي قامت بها حركة أنصار الله لإحياء ذكرى "اليوم الوطني السابع للدفاع في مواجهة العدوان والحصار" ، الذي يتزامن مع ذكرى إعلان التحالف الحرب على اليمن في 26 مارس 2015. هي مناسبة سنوية تحتفل بها الحركة منذ العام الثاني للعدوان.

اقترنت هذه الأنشطة العسكرية على الفور بمبادرة سياسية مهمة للغاية: أعلنت حكومة صنعاء وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة ثلاثة أيام. لقد أتاحتها فرصة للحكام السعوديين لاختيار السلام بوقف هجماتهم ورفع الحصار. وقالت حكومة صنعاء إن وقف إطلاق النار من جانب واحد يمكن أن يكون أساسًا لترتيب طويل الأجل يمكن أن يطلق تسوية.

أمام الحكام السعوديين خياران بسيطان: الاستمرار في تجاهل حكومة صنعاء والاستمرار في إلقاء اللوم على القوى الإقليمية في الحرب في اليمن أو التعامل مع حكومة صنعاء بجدية والعمل معها لإنهاء الحرب. الخيار الأول هو طريق جعلته الغطرسة جذاب. والخيار الأخر مدعوم بالحقائق: اليمنيون قادرون على بناء وتحسين أسلحة تسمح لهم بالوصول إلى أي نقطة في السعودية. إذا ما أسرع حكام السعودية في إدراك هذه الحقيقة ، زادت قدرتهم على وقف النزيف ... نزيفالدولار والدم ، بالمعنى الحرفي للكلمة.

 

قد تسأل عن المسار الذي سيختاره الحاكم الفعلي للسعودية؟ تشير السوابق التاريخية إلى أن الغطرسة مرض عضال يصيب الأشخاص الضعفاء الذين يشغلون مناصب قوية. وبعيدًا عن التهديد المعقول لسلطتهم خلال حياتهم ، نادرًا ما يتغلب أولئك الذين يعانون من الغطرسة ؛ خاصة إذا تمكن هؤلاء الأشخاص من جعل أنفسهم منعزلين تمامًا ومعزولين ، ولا يمكن الوصول إليهم بالمشورة والاستشارة الجيدة. لكن في حالة المملكة العربية السعودية اليوم ، فإن حقيقة أن الملك لا يزال الحاكم الاسمي ، ينبغي أن يكون هذا عاملاً قد يؤدي إلى نتيجة غير محتملة.

  

27 مارس 2022

ها بدأت مراجعات النظام الدولي؟ قرار روسيا لمواجهة العقوبات الغربية من خلال اشتراط المدفوعات للسلع الروسية بالعملة الوطنية وانعكاساته الإقتصادية

    3/27/2022 02:03:00 م   No comments


عندما لا يكون التدخل العسكري المباشر خيارًا ممكنًا ، تستخدم الإدارات الأمريكية والحلفاء الغربيون دائمًا الأدوات الاقتصادية والمالية لتحقيق أهداف سياستهم الخارجية. أصبح فرض العقوبات رد فعل تلقائي انعكاسي ضد أي حكومة تقاوم النظام العالمي الحالي - النظام الذي تهيمن عليه الليبرالية الغربية. إن مثل هذا الإدمان الغربي للعقوبات وعمليات الحظر ليس متجذرًا في فائدة هذه الأدوات وفعاليتها في تحقيق النتائج المرجوة. بدلاً من ذلك ، لأن هذه الدول القومية القوية يمكنها أن تفعل ذلك ، وفي معظم الحالات ، تفرض عقوبات دون أي عواقب سلبية على اقتصاداتها ومصالحها.

يمكن العثور على الدليل على هذا التفسير من خلال فحص بعض الحالات الرئيسية للدول الخاضعة للعقوبات. تخضع كوبا للعقوبات الأمريكية منذ أكثر من نصف قرن. ومع ذلك ، استمر كاسترو في حكم ذلك البلد حتى تنحى طواعية ولم تغير الحكومات اللاحقة موقفها بعد ذلك. يمكن قول الشيء نفسه عن العقوبات المفروضة على إيران. منذ أكثر من 40 عامًا ، تعرضت إيران لبعض من أقسى أنظمة العقوبات. كان بعضها مصرحًا ومدعومًا بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، مما يعني أنها كانت عقوبات عالمية يجب أن تنفذ من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. علاوة على ذلك ، قامت إدارة ترامب بتضخيم جميع أنظمة العقوبات السابقة لتطبيق ما أطلقت عليه تلك الإدارة ، "أقصى ضغط اقتصادي". يعني الضغط الأقصى أنه لا يوجد مستوى ضغط آخر يمكن تطبيقه ؛ لكن ذلك لم يجبر الحكومة الإيرانية على تغيير موقفها. لا نتائج.

لذلك ، لم يكن مفاجئًا أنه عندما شنت روسيا عمليتها العسكرية لنزع سلاح أوكرانيا وإجبار حكومتها على التخلي عن خططها للانضمام إلى الناتو ، وبالنظر إلى أن روسيا دولة مسلحة نوويًا ، فإن المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا والدول الأوروبية الأخرى المسلحة نوويًا و الولايات المتحدة ليست خيارًا ، كانت العقوبات أفضل شيء تالي. أصبحت العقوبات والاستيلاء على الأصول الروسية هي الاستجابة الافتراضية وقد تم ذلك بطريقة منسقة تضم جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وحلفاء آخرين بما في ذلك اليابان وأستراليا وما إلى ذلك. ومع ذلك ، فإن الانتقام الروسي هو متغير جديد وهذه الديناميكية الجديدة هي من المحتمل أن يكون لها تأثيرات خارجة عن سيطرة الغرب.

وبعد أن اقتحمت الدبابات الروسية الحدود الأوكرانية. حطمت هذه العتبة رقماً قياسياً آخر للعقوبات المفروضة على إيران ، وهو 32616 عقوبة. يبدو أن نظام العقوبات غير المسبوق هذا هو خطوة أولى. إذ في اليوم الأول من جولته الأوروبية ، وعد الرئيس جو بايدن بالمزيد من العقوبات. يعترف القادة الروس بأن هذه العقوبات قاسية على بلادهم ، لكنهم حذروا من أن بقية العالم سيشعر بالآثار السلبية أيضًا.

أدى تجميد واشنطن للأصول الدولارية للبنك المركزي الروسي إلى انعكاس عملية لم يكن يتوقعها. لقد سرعت من دفع روسيا لاستخدام عملتها الوطنية ، الروبل، مع اقتصادات كبيرة مثل الصين والهند ، وقد تفعل الشيء نفسه مع تركيا وجنوب إفريقيا وربما البرازيل، وهي دول ترفض الخضوع للعقوبات الغربية. الأهم من ذلك ، أصدر الرئيس الروسي أمرًا لإجبار جميع الدول غير الصديقة التي تشتري النفط والغاز الروسي على الدفع بالروبل، وليس بالدولار الأمريكي. وهذا يعني أن روسيا الآن هي الدولة الأولى في العالم التي تسعر موادها من الخام (النفط والغاز والمعادن) بعملتها الوطنية بدلاً من الدولار. يشار إلى أن سعر المواد الخام في العالم يتم بالدولار.  ثقل القرار الروسي وثقل روسيا في أسواق النفط والغاز والمعادن سينعكس في تغيير النظام الإقتصادي العالمي.


هذه الأحداث تضغط على الصين للتفكير في التخلص من احتياطيات الدولار في المستقبل، والتي تتجاوز 3500 مليار دولار ، أكبر احتياط دولار في العالم. من المرجح أن تستخدم الدول الآسيوية المرتبطة اقتصاديًا بالصين الرنمينبي (اليوان) في معاملاتها التجارية ، وتكتسب الصين خبرة  في تداول عملتها في حالة حدوث أي أزمة مع الولايات المتحدة ، نظرًا للتوترات بين الولايات المتحدة والصين. تايوان.

بالإضافة إلى ذلك، إذا قررت المملكة العربية السعودية قبول اليوان الصيني مقابل نفطها، فستوجه ضربة تاريخية للعملة الأمريكية. وهدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بهذا الإجراء بعد أن بدأ في التلميح إليه انتقاما من سياسة واشنطن تجاه الرياض عندما رفضت بيعها أسلحة بسبب حرب اليمن.

بمجرد أن تعلن المملكة العربية السعودية أنها ستبيع النفط إلى الصين بعملتها الوطنية، ستبدأ بعض الدول الآسيوية في البحث عن العملة الصينية، وكما كتبت صحيفة وول ستريت جورنال ، إذا تم تنفيذ الاتفاقية الصينية السعودية ، فإنها ستنهي هيمنة الدولار  على أسعار النفط عالميا.

كان نظام العقوبات سلاحاً مفضلاً ضد الحكومات المتصارعة مع الغرب. ومع ذلك، فإن استخدام هذه الأداة ضد روسيا ، المتحالفة بشكل وثيق الآن مع الصين ، سيؤدي إلى أحداث خارجة عن سيطرة الدول التي بدأت هذه العقوبات. إليكم توقعاتنا المنطقية: إذا استمر الصراع الحالي لأسابيع ، وليس لأيام فقط ، واستمر الغرب في فرض عقوبات ليس فقط على روسيا ولكن على جميع الدول التي لا تمتثل لهذه العقوبات - بما في ذلك الصين ، فإن النظام العالمي الحالي سوف يتغير بشكل لا رجوع عنه.

  


14 مارس 2022

السعودية تعدم 81 شخصا في يوم واحد لا رد فعل من الديمقراطيات الغربية

    3/14/2022 01:47:00 م   No comments

ذكرت وسائل إعلام رسمية ، السبت ، أن السعودية قطعت رؤوس 81 شخصا على الأقل في يوم واحد ، بينهم سبعة يمنيين وسوري.

وقال ناشطون إن 41 منهم من الشيعة من منطقة القطيف الشرقية.

يبدو أن تنفيذ عقوبة الإعدام الجماعية هو أكبر عملية إعدام في المملكة في تاريخها الحديث. وتجاوز العدد الإجمالي لمن أعدموا عدد الذين نفذوا الإعدام الجماعي في كانون الثاني (يناير) 1980 ضد متشددين أدينوا بالاستيلاء على المسجد الحرام في مكة ، حيث قطع رؤوس 63 شخصا.

أدانت منظمة ريبريف الحقوقية الإعدامات وقالت إنها تخشى على سجناء الرأي ، بمن فيهم الأفراد الذين اعتقلوا وهم أطفال ، المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية.

وقالت ثريا باوينز نائبة مدير منظمة ريبريف في بيان "على العالم أن يعرف الآن أنه عندما يعد محمد بن سلمان بالإصلاح ، فإن إراقة الدماء ستتبع".

"في الأسبوع الماضي فقط ، أخبر ولي العهد الصحفيين أنه يخطط لتحديث نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية ، فقط ليأمر بأكبر عملية إعدام جماعي في تاريخ البلاد.

منذ توليه السلطة ، قام ولي العهد الأمير محمد في عهد والده بتحرير الحياة في المملكة بشكل متزايد ، وافتتح دور السينما ، مما سمح للمرأة بقيادة السيارات وتشويه سمعة الشرطة الدينية التي كانت تخشى البلاد في السابق.

ومع ذلك ، تعتقد وكالات المخابرات الأمريكية أن ولي العهد أمر أيضًا بقتل وتقطيع أوصال كاتب العمود في واشنطن بوست جمال خاشقجي ، أثناء الإشراف على الضربات الجوية في اليمن التي قتلت مئات المدنيين.

العالم يتفاعل - أم لا

باستثناء إيران ، لم ترد أي حكومة ، بما في ذلك الديمقراطيات الغربية ، على القتل الجماعي. ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية في 13 مارس / آذار أن إيران علقت من جانب واحد المحادثات الهادفة إلى نزع فتيل التوترات القائمة منذ فترة طويلة مع المملكة العربية السعودية.

لاحظت صحيفة نيويورك تايمز صمت الديمقراطيات الغربية وربطها بالأحداث في أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الدول الغربية تتطلع إلى المملكة العربية السعودية ، أحد أكبر منتجي النفط في العالم ، للمساعدة في تعويض النقص في إمدادات النفط حيث تتجنب العديد من الدول الطاقة من روسيا بسبب غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا ، " لا يمكننا إظهار اشمئزازنا من فظائع بوتين بمكافأة ولي العهد ". https://www.nytimes.com/2022/03/12/world/middleeast/saudi-arabia-executions.html

المتابعون


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.